محكمة النقض: إثبات الحبس يخضع لقواعد خاصة ولا يشترط فيه شروط الملك المعتبرة شرعا

 

القرار عدد 848

المؤرخ في 17/3/2004

ملف مدني عدد 2275/1/1/2003

  • حبس- إثباته-تيسير- الشروط المعتبرة في الملكية الخاصة (لا) -شروط خاصة (نعم).

بمقتضى قواعد الفقه المالكي المعمول به، يكفي في ملكية الأحباس أن يشهد شهودها بمعرفتهم للملك اسما وموقعا، وبأنه حبس على جهة معينة، وأنه يحاز بما تحاز به الأحباس ويحترم بحرمتها، ولا يشترط فيها شروط  الملك المعتبرة شرعا الواجب توفرها في سائر الملكيات الخاصة.

باسم جلالة الملك

إن المجلس الأعلى؛

وبعد المداولة طبقا للقانون؛

حيث يستفاد من مستندات الملف، ومن القرار المطعون فيه، أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية بفاس بتاريخ 14/4/1976 تحت عدد 17041/ف، طلبت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تحفيظ الملك المسمى “أزاقوق مسدورة” الواقع بدائرة تاونات جماعة ارغيوة حددت مساحته في 23 هكتار و78 آرا و91 سنتيارا، باعتباره ملكا حبسيا بناء على الملكية الحبسية عدد 101 المؤرخة في 8/8/1978، فقدمت ضده عدة تعرضات منها تعرض الهلالي أحمد، المقيد بتاريخ 23/8/1984 كناش 15 عدد 1256، وتعرض سميري أحمد بن عبد الله، المقيد بتاريخ 17/10/1989 كناش 2 عدد 20، وتعرض السحتري امحمد بن محمد بن علي، المقيد بتاريخ 18/7/1988 كناش 1 عدد 131، وتعرض السحتري محمد بن سي علي، المقيد بتاريخ 5/1/1989 كناش 1 عدد 237، مطالبين كلهم بحقوق مشاعة في القطعة ذات المعلم رقم 2 من تصميم العقار استنادا إلى الملكية عدد 290 المؤرخة في 18/3/1957.

وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بتاونات، أجرت خبرة بواسطة الخبير لحسن زكي، ثم أصدرت حكمها عدد 250 بتاريخ 30/11/2001 في الملف عدد 119/2000 قضت فيه بصحة التعرض المذكور بالنسبة لكل من الهيلالي أحمد بن محمد بن علي، وورثة السحتري علي بن محمد بن علي والسحتري امحمد بن محمد بن علي، وبعدم صحة التعرض بالنسبة لسميري أحمد فاستأنفته طالبة التحفيظ كما استأنفه سميري أحمد بن عبد الله وقضت محكمة الاستيناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم صحة تعرض سميري أحمد بن عبد الله والحكم من جديد بصحة تعرضه، وبتأييده في ذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقص من طرف طالبة التحفيظ) في الوسيلة الفريدة بسوء التعليل الموازي لانعدامه وخرق حقوق الدفاع وانعدام الأساس القانوني وخرق القواعد الفقهية. ذلك أنه اعتمد في حيثياته على أن استئناف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لا ستند على أساسي لكون الملكية عدد 101 ناقصة شرعا لخلوها من شروط الملك ولأنه لا يكفي في الاستحقاق الاستدلال بالحبس دون اشتمال رسمه على الشروط المذكورة، لاحتمال تحبيس ملك الغير ولا وجه لمقارنة هذه الملكية مع ملكية المتعرضين عدد 290، والتي اعتبرها صحيحة متنا وسندا. في حين أن الملك موضوع مطلب التحفيظ عقار حبسي كما هو ثابت من رسم الحبس المتوفر على كافة شروطه الشرعية ومنها الحوز الذي لم يشر إليها القرار المطعون فيه إطلاقا. ولم يجب عنه. كما أن الطاعن وجه عدة انتقادات إلى رسم المتعرضين لكونه لا يتوفر على شروط الملك، وأن الحيازة المعتبرة شرعا تختلف من حيث مدتها حسب الأحوال كما نازع في مستند علم شهوده وهويتهم وحدوده، وكذلك نازع في الخبرة والتمس استدعاء الشهود، إلا أن القرار المطعون فيه اعتبر هذه الحجة مستوفية لكافة شروطها، دون أن يبينها بوضوح. واستبعد رسم التحبيس دون أن يبين الشروط المفتقرة فيه، ولم يجب عن الدفوع والأسباب المعتمدة بالمقال الاستينافي.

حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك أنه اعتبر ” ملكيتها عدد 101 ناقصة شرعا لخلوها من شروط الملك، وأنه لا يكفي في الاستحقاق الاستدلال بالحبس دون اشتمال رسمه على الشروط المذكورة. وأنه لا وجه لمقارنة الملكية المذكورة مع ملكية المتعرضين عدد 290 التي ثبت انطباقها على المدعى فيه بموجب الخبرة المنجزة في المرحلة الابتدائية، وتتوفر على شروط الملك المنصوص عليها بقول خليل “وصحة الملك بالتصرف وعدم منازع وحوز طال كعشرة أشهر”. في حين أنه بمقتضى قواعد الفقه المعمول به، يكفي في ملكية الأحباس أن يشهد شهودها بمعرفتهم للملك اسما وموقعا، وبأنه حبس على جهة معينة، وأنه يحاز بما تحاز به الأحباس ويحترم بحرمتها، ولا يشترط فيها شروط  الملك المعتبرة شرعا الواجب توفرها في سائر الملكيات الخاصة. الأمر الذي يعتبر معه بذلك القرار المطعون فيه فاسد التعليل، وغير مرتكز على أساس قانوني وخارقا لحقوق الدفاع، مما عرضه للنقض والإبطال.

وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس المحكمة لتبت فيها من جديد.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه، وإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون. وبتحميل المطلوبة في النقض الصائر.

كما قرر إثبات قراره هذا بسجلات المحكمة المذكورة إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: محمد العلامي رئيس الغرفة- رئيسا. والمستشارين: محمد بلعياشي- عضوا مقررا. والعربي العلوي اليوسفي، ومحمد العيادي، وزهرة المشرفي- أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد ولينا الشيخ ماء العينين. وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة مليكة بنشقرون.

الرئيس                  المستشار المقرر                    كاتب الضبط