تقدير موقف: قضية الصحراء بعد أحداث الكركرات: الواقع والمآلات

ورقة تقدير موقف:

قضية الصحراء بعد أحداث الكركرات: الواقع والمآلات

ذ. محمد أشلواح*/ ذ. أحمد صلحي**

تقديم

بعدما قام المغرب بتحرير منطقة الكركرات من مرتزقة البوليساريو وإعادة الهدوء واستثباب الأمن فيها، لقي هذا التعاطي المغربي الضروري والحاسم ترحيبا دوليا، كونه كان تصرفا مشروعا ويسعى إلى تأمين ممر الملاحة التجارية والمدنية الدولية بين المغرب و دول إفريقيا جنوب الصحراء، و تلى هذه الأحداث المتسارعة انتباه العديد من الدول إلى ضرورة تفعيل مقتضيات القانون الدولي لدعم الوحدة الترابية للمغرب وصيانتها من الاعتداءات المتكررة والممنهجة.

لذلك قامت دول عربية وإفريقية وازنة إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية،كقوة دولية فاعلة، بإطلاق دينامية تدشين القنصليات خاصة بمدينة الداخلة والعيون(وهناك دول أخرى في الطريق إلى فتح تمثيليات دبلوماسية لها في الصحراء المغربية)، مجسدة بذلك بشكل قطعي، صريح وعملي، اعترافها بسيادة المغرب كاملة على أراضيه بالأقاليم الجنوبية للمملكة.

يعتبر ملف الصحراء من أبرز القضايا التي تحتل مكانة فى سلم أولويات واهتمامات السياسة الخارجية المغربية، ملف اتخذ عدة أبعاد سياسية وعسكرية ودبلوماسية.. ارتبطت بمحاولات القوى الإقليمية إرساء توازنات معينة خدمة لمصالحها، وذلك على حساب التوجهات المغربية ووحدته الترابية؛ فقد راهنت الجزائر وجنوب إفريقيا على استثمار قضية الصحراء من أجل إضعاف المغرب، كما ساهمت تعقيداتها في عرقلة مسيرة التنمية في المنطقة المغاربية.

لقد شهدت الساحة الدولية تحولات محورية، كما عرف ملف الصحراء مستجدات مهمة وحصلت فيه تطورات يجب أن يتَقَرَّر على أساسها الوضع الجديد، فقد آمن المغرب منذ البداية بتدبير هذه القضية بشكل سلمي وهو ما ذهبت فيه التوجهات الدولية لمقاربة الملف، خاصة على صعيد الأمم المتحدة، بتركيزها على الحل السياسي في صيغة الحل الواقعي، الدائم، والمتوافق عليه.

رغم بعض المحاولات التي تمت لمعالجة هذه القضية عرف المسار السياسي التفاوضي بين الأطراف جمودا منذ مدة، قابلته دينامية كبيرة لإرساء دعائم التنمية المحلية بالأقاليم الجنوبية للمملكة والتي استرعت(الأقاليم) باهتمام دولي غير مسبوق تجسد أساسا في تدشين العديد من الدول قنصليات لها بالمنطقة.

بالموازاة  مع ذلك  تأزمت الأوضاع بمخيمات تندوف(والجزائر) ، كما فشلت البوليساريو في جميع رهاناتها والأوراق التي أرادت أن تناور بها، حيث فقدت بمعية صنيعتها الجزائر(النظام) بوصلة ملف الصحراء وبدأت تتلاشى فكرة قيام كيان انفصالي حتى عند مؤسسي البوليساريو الذين عاد العديد منهم منذ سنوات إلى أرض الوطن.

واقع دفع البوليساريو إلى اتخاذ خطوات استفزازية غير محسوبة تمثلت بالخصوص في اقتحام المناطق العازلة، واستخدام مرتزقة في عرقلة حركة المرور، خاصة عبر معبر الكركرات، وعدم الامتثال لقرارات مجلس الأمن، كما أعلنت تراجعها عن الالتزام بوقف إطلاق النار، وسارعت إلى تلفيق فيديوهات لهجمات مزعومة وبيانات لحرب خيالية.. .

وفق هذه المعطيات، نتساءل هل لا يزال مقترح الحكم الذاتي ممكنا في ظل التطورات الحاصلة حاليا في ملف الصحراء؟ وهل لا يزال التفاوض مع البوليساريو في ظل ما عرفه هذا التنظيم من انحرافات خيارا ممكنا؟

 

أولا: ملف الصحراء بين الحرب ومحاولات صنع السلام

بعد حصول المغرب على الاستقلال،بعد مفاوضات أيكس ليبان، وإلغاء معاهدة الحماية واسترجاع مدينة طنجة، انسحبت اسبانيا من الأقاليم الشمالية باستثناء سبتة ومليلية، كما تشبثت بإقليم الساقية الحمراء و وادي الذهب.

فقد خاض المغرب معارك عسكرية ودبلوماسية، مكنته من استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958، وبعده منطقة سيدي ايفني 1969، وأمام تمسكه(المغرب) بباقي المناطق أدرجت الأمم المتحدة- بناء على طلب المغرب- ملف الصحراء ضمن الملفات التي تدرسها اللجنة الرابعة، وقد أصدر قرارات عدة تدعو اسبانيا للانسحاب، وبعد صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وتوقيع اتفاقية مدريد، أثمرت المسيرة الخضراء استعادة الأقاليم الجنوبية للمملكة بإعلان اسبانيا انسحابها في 26 فبراير 1976، ليستكمل المغرب،في الأخير، وحدته الترابية باسترجاع وادي الذهب في 14 غشت 1979.

بالموازاة مع عملية استرجاع المغرب لصحرائه، من المستعمر الاسباني، كان أعداء الوحدة الترابية للمغرب يدفعون في تشكيل البوليساريو الانفصالية وكانت الأطماع الجيوسياسية للنظام الجزائري تظهر بشكل واضح، وهذا ما فرض على المملكة أمر الدفاع عن الوحدة الترابية بجميع الوسائل المشروعة، خاصة بعد أن بدأ مرتزقة البوليساريو بشن أعمال عدوانية ضد البلاد.

وعليه قامت حرب ضروس في الصحراء لسنوات، من أواسط السبعينات إلى غاية إبرام اتفاقية التسوية سنة1991، فشهدت محاورها تصعيدا عسكريا من البولييساريو مستعينة بالدعم الجزائري ثم الليبي..، وقد نتجت عن هذه المواجهات خسائر بشرية ومادية كبيرة.. .

في هذا الصدد يلاحظ أن البوليساريو لم تحقق أي مكاسب من هذه الحرب، لا”دبلوماسية” ولا على الأرض، في حين استعاد المغرب تأمين صحرائه عبر قيامه بإجراءات عملية مهمة(تواجد القوات المسلحة الملكية في الميدان)، خاصة منها الحزام الأمني الرملي المشيد (1980-1987) على مسافة تقدر ب 2700 كلم على امتداد الحدود مع الجزائر وموريتانيا والذي لعب دورا مهما في شل هجمات مرتزقة البوليساريو، مما جعل هذه الأخيرة تقتنع خاصة بعد اصطدامها  بهذه المعطيات الميدانية، بأن خيار الحرب كان خيارا فاشلا بالنسبة لها، لتنتهي هذه المرحلة بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار برعاية أممية في شتنبر 1991.

في هذا السياق، ومن أجل إيجاد حل للقضية، أدرج ملف الصحراء ضمن الملفات التي يعالجها مجلس الأمن وفق  الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة للبحث عن تسوية سلمية للقضية، وبعد وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو جرى تشكيل بعثة المينورسو، أساسا، لمراقبة وقف إطلاق النار  وتنظيم الاستفتاء.. .

حاول مجلس الأمن مقاربة ملف الصحراء باعتماد رؤية الحل “القانوني”، ولم يتحقق شيء من هذا القبيل، ثم انتقل إلى توظيف مقاربة الحل السياسي المؤسّسة على  المفاوضات بين الأطراف المعنية، لكنها جوبهت أيضا بتعنت  قيادة البوليساريو التي أرادت الحفاظ على الستاتيكو- لا سلم ولا حرب- في المنطقة للاستفادة من واقعه.

تجدر الإشارة إلى أنه بعدما فشلت عملية تنظيم الاستفتاء في الصحراء، قدم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للصحراء،الأمريكي جيمس بيكر، خطة “الاتفاق الإطار” سنة2001  والتي تنص على حكم ذاتي موسع لمدة أربع أو خمسة سنوات وبعد ذلك يتم إجراء الاستفتاء، والتي قبلها المغرب ورفضته البوليساريو والجزائر بدعوى أنها تتناقض مع مسألة “تقرير المصير..”.

وفي محاولة منه لحلحلة ملف الصحراء قدم كوفي عنان(أمين عام سابق للأمم المتحدة) تقريرا أمام مجلس الأمن تضمن أربعة خيارات: (تنظيم الاستفتاء دون شروط، إعطاء حكم ذاتي ضمن السيادة المغربية، تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو، سحب الأمم المتحدة للمراقبين الدوليين)، وبناء عليه، أعاد مبعوثه جيمس بيكر طرح مخططه، لكنه لقي رفضا للمرة الثانية، وأمام الفشل في مساعيه قدم استقالته من منصبه سنة 2004.

المبعوث الشخصي للأمين العام(الذي عيّن بعد جيمس بيكر) الهولندي بيتر فان فالسوم، قام بجمع المعطيات حول نزاع الصحراء و عمل على فهم حيثياته بشكل دقيق، بعد سنوات من الدراسة وانجاز تقارير حول سير الأمور في المنطقة، وفي النهاية خلص إلى أن خيار “الاستقلال والانفصال الذي تطالب به البوليساريو خيار غير واقعي، وإن خيار استفتاء تقرير المصير الذي طـُرح سابقا أمر تجاوزه الزمن.

الدبلوماسي الأميركي كريستوفر روس(عمل سفيرا لبلاده في كل من الجزائر وسوريا)، والذي عينه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ممثلا خاصا له في قضية الصحراء في يناير 2009، وكذا الألماني هورست كولر، (قدم استقالته لأسباب “صحية” وبقي المنصب شاغرا منذ 2019 إلى حدود تعيين ديميستورا) فشلا في القيام بأي تقدم لحل هذا الملف.

لا بد من التأكيد هنا بأنه أمام الجمود الذي طبع ملف الصحراء من جهة، وانسجاما مع ما يقتضيه مبدأ حل النزاعات بالطرق السلمية، وما يفرضه على الأطراف المتنازعة من ضرورة أن تبادر إلى تقديم المبادرات السياسية لتسوية ما بينهم من نزاعات من جهة ثانية، حتى لا تتفاقم وتصبح مما يهدد السلم والأمن الدوليين، قام المغرب بتقديم مبادرة الحكم الذاتي(سنة 2007) كبديل عملي آخر وكرؤية جديدة  لمعالجة قضية الصحراء من أجل إنهاء النزاع بشكل نهائي، وذلك على أساس “حل سياسي واقعي وعادل ودائم ومتوافق عليه بين الأطراف”.

 

ثانيا: مستقبل مبادرة الحكم الذاتي:

تقدم المغرب بمقترح مبادرة الحكم الذاتي، في11 أبريل 2007،  للصحراء كأرضية للتفاوض من أجل حل هذا الملف في إطار السيادة المغربية، استجابة لتوجهات الأمم المتحدة من أجل إرساء حل سياسي وعادل، ويخول هذا المقترح صلاحيات واختصاصات تشريعية وتنفيذية وقضائية مهمة لساكنة مناطق الصحراء لتدبير شئونهم المحلية، وقد حظي بدعم قوي من طرف المجتمع الدولي، كما نوَّه به مجلس الأمن الدولي في جميع قراراته، وقد حافظ على هذه الإشادة منذ سنة 2007 وإلى اليوم، ويصف الجهود المغربية بالجدية والمصداقية والرامية إلى المضي قدما بالعلمية السياسية صوب التسوية.

تعد مبادرة “الحكم الذاتي” كأساس للتفاوض ولا تعد مقترحا نهائيا، حيث أسندت اختصاصات واسعة لجهة الصحراء، فأظهر فالمغرب من خلال هذا المقترح نية صادقة لحل هذا الملف نهائيا، بالمقابل فالبوليساريو رأت في المبادرة المغربية “ما يفيد” أن “مسلسل التنازل” من طرف المغرب قد بدأ وأن المزيد آتٍ لا محالة!، فرغم إبداء رفضها للمقترح المغربي، ناورت(البوليساريو) عبر الدخول في “مفاوضات” وفي نيتها تثبيت الانفصال!، ولم تأخذ على محمل الجد كون المغرب حدد خطين أحمرين ثابتين لا يمكن تجاوزهما إطلاقا، وهما أن مقترح الحكم الذاتي أقصى ما يمكن تقديمه، والثاني أن أي نقاش/ أو حل لقضية الصحراء يجب أن يكون في إطار السيادة المغربية.

من أجل اتخاذ قرار يتلاءم مع المستجدات الراهنة، فمقترح الحكم الذاتي في واقع الأمر تم طرحة في سياق مختلف تماما عن الأوضاع والمعطيات القائمة حاليا في الصحراء، كما أن الموقف الدولي أضحى إيجابيا جدا، فيما يتعلق بالحقوق المشروعة للمغرب على صحرائه أكثر مما كان سائدا سنة 2007، تاريخ اقتراح الحكم الذاتي لحل قضية الصحراء، فالوقت الراهن يفترض- ربما- استبعاد هذا الطرح لأن الواقع في الأقاليم الجنوبية للمغرب لم يعد يتناسب مع اقتراحٍ يسمى الحكم الذاتي، فالمغرب في صحرائه والصحراويين المغاربة في صحرائهم وكفى.

ففي واقع الأمر فشلت “المفاوضات” حول مقترح الحكم الذاتي، ولم تستفيد البوليساريو من هذا المدخل الديمقراطي لحل المشكل وفك الحصار عن ساكنة تندوف، إنما عادت إلى نفس تصوراتها المفلسة بإعلانها من جانب واحد خرق وقف إطلاق النار بالترويج لأسطورة “العودة للكفاح المسلح” وإصدار بيانات كاذبة لانتصارات وهمية في حرب خيالية، والترويج لفيديوهات مضللة ولا أساس لها من الصحة كما تؤكد ذلك تقارير بعثة المينورسو.

بناء عليه، نسجل أنه في الوقت الحالي تكرّست حقائق أساسية في هذا الموضوع، فمبادرة الحكم الذاتي لم تستوعبها البوليساريو، من حيث إيجابياتها، ولن تستوعبها مستقبلا، رغم تنظيم جلسات للتفاوض في نيويورك وجنيف تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل حلحلة القضية، فقد بدا سوء نيتها(قيادة البوليساريو) جليا في “تدبيرها” لهذا الملف، مما يفيد بأن غرض هذا “التنظيم” لا يكمن في التفاوض حول إيجاد حل لقضية الصحراء، سواء على أساس الحكم الذاتي أو على أي أساس آخر، بل غايتها تتمثل في استدامة واستمرار الوضع القائم الذي تغتني منه، وذلك على حساب معاناة المحتجزين في تندوف وأوضاعهم المأساوية هناك.

وعلية فمادامت البوليساريو غير مستقلة بقرارها اليوم وغير واضح كيف سيتصرف أعضاؤها غدا، فإشراك أشخاص-قيادة البوليساريو- في حكم ذاتي تم صنعهم في معسكرات الجزائر وثكناتهم، ويأتمرون بتوجيهات جنرالات الجزائر مسألة تبدو غير مضمونة العواقب وغاية في الخطورة، فمن الصعب فك الارتباط بين هؤلاء جميعا، وبالتالي فإمكانية تسلل عداء جنرالات الجزائر وتمدده إلى داخل”الحكم الذاتي” المفترض، وعبر أعضاء البوليساريو، مسألة محتملة جدا! .وهذا ما يفرض وضع تصورات أخرى ويتطلب مقاربات ومداخل جديدة لملف الصحراء بدل “الحكم الذاتي”.

 

ثالثا: مداخل جديدة للقضية: المغرب في صحرائه

من أجل التمكن من تدبير قضية الصحراء بشكل جيد، في المستقبل، يستدعي الأمر من المغرب وضع إستراتيجية ذات طابع هجومي، ترتكز أساسا على توظيف الوضعيات الايجابية وترسيخها، سواء من خلال موقف الحلفاء، أو عبر القيام بما يجب في الاستمرار بتنمية المناطق الجنوبية.. ، أو عن طريق فضح ممارسات البوليساريو أمام المجتمع الدولي وكشف خلفياتها، وذلك من أجل حسم هذا الملف بشكل نهائي بما يرسخ سيادة المملكة ويؤكد حقها المشروع والغير القابل للنقاش على الأقاليم الجنوبية. كيف ذلك؟

1- اقرار استراتيجية هجومية لمقاربة قضية الصحراء: تتحدد معالم هذه الإستراتيجية  في ثلاثة مستويات:

المستوى الأول: توظيف موقف الحلفاء في المنتظم الأممي،

للضغط في اتجاه استصدار قرارات أممية تستوعب هذا التوجه الجديد(المفترض) للمغرب للتعاطي مع ملف الصحراء مستحضرة التحولات الأخيرة بالمنطقة، لصالح إقرار الرؤية المغربية للحل، والمتمثلة في الإيمان بأن المغرب في صحرائه ويتمتع بكامل سيادته على جميع مناطقه الجنوبية بحكم الواقع وبحكم حقوقه التاريخية والمشروعة في المنطقة.

نفس المنطق يمكن اعتماده على مستوى التنظيمات الإقليمية والجهوية خاصة على صعيد منظمة الاتحاد الإفريقي، التي بدأت منذ مدة تعي خطورة ما فعله بعض أعضائها من مساس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، لذلك بدؤوا في تصحيح نظرتهم لملف الصحراء وذلك من خلال سحب اعترافهم بالجمهورية الوهمية وعبر اتخاذهم لموقف يجعله(الملف) اليوم حصريا من اختصاص منظمة الأمم المتحدة، ومن  ثمة على الدبلوماسية المغربية أن ترسخ هذا التوجه والضغط مستقبلا في اتجاه إعلان هذا التنظيم الإقليمي على طرد الكيان الوهمي وإخراجه من أجهزته بشكل كلي، لتصحيح ما قام به “أدم كودجو” الذي ضم البوليساريو  لمنظمة الوحدة الأفريقي في خرق سافر لنظامها القانوني.

المستوى الثاني: الاستمرارية في إستراتيجية افتتاح القنصليات وترسيخ الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء في إطار الواقع القائم وليس على أساس”منطقة الحكم الذاتي”

بقناعة منها بأحقية المغرب وسيادته على الأقاليم الجنوبية للمملكة قامت العديد من الدول بافتتاح قنصليات لها في الداخلة والعيون المغربيتين، كما شكل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الكاملة للمغرب على جميع صحرائه تحول حاسم في مسار هذا الملف، خاصة وأنه موقف صادر عن دولة(و.م.الأمريكية)ذات التأثير الكبير على مستوى صياغة القرار الدولي، لكونها قوة عظمى ولأنها تتمتع بالعضوية الدائمة وحق النقض داخل مجلس الأمن، وتصيغ مشاريع القرارات المتعلقة بالصحراء في هذا المجلس.

فهذا التطور الإيجابي في منظور الولايات المتحدة الأمريكية اتجاه قضية الصحراء يتطلب الأمر الإسراع في استثماره من طرف الدبلوماسية المغربية، خاصة في إطار التوازنات الجيوستراتيجية، التي تتشكل في المنطقة، وعبر استغلال تنافس القوى العظمى على الصعيد الإفريقي، بغرض خلق نوع من الاختراق في “الصمت” الصيني والأوروبي وذلك  بما يذهب في اتجاه بلورة موقف حاسم من هذه القوى لخدمة قضية الصحراء على شاكلة ما فعلته الإدارة الأمريكية والعديد من الدول الإفريقية والعربية.

لقد شكل افتتاح القنصليات موقفا دبلوماسيا صريحا وقطعيا، من طرف الدول التي اتخذت هذا القرار، بتأكيد السيادة المغربية على الصحراء، وقد تمت هذه الخطوات على أساس أن هناك مصالح دولية متبادلة بينها والمملكة المغربية، وفي إطار ما تحفظه لكل منهم معاهدة فيينا (1963)من حقوق وواجبات، إن هذه العلاقات الدبلوماسية أُقيمت مع المملكة المغربية وعلى أساس سيادتها على هذه الأقاليم سيادة داخلية وخارجية وبشكل كامل، وليس على أساس أنه ستكون هناك “منطقة حكم ذاتي  تحت سيادة المغرب” في الأقاليم الجنوبية، فالمغرب يمارس اليوم كل حقوقه في إطار سيادته الوطنية وفي إطار ما يكفله القانون الدبلوماسي والقنصلي.

فواضح أن الدول التي أخذت مبادرة افتتاح القنصليات في الصحراء، أو تلك التي ستحدو نفس الموقف، قامت بذلك في إطار ما يسمح به القانون الدولي العام، لكنها أيضا انطلقت من محددات واقعية تتمثل بالخصوص بتواجد المغرب في صحرائه وبتحكمه في الديناميات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. في المنطقة وضبطها وفق قانون وطني واحد وموحد، لذلك يجب على المغرب أن يبني تصوره المستقبلي لتدبير ملف الصحراء على أساس استحضار أن هذه التفاعلات الدبلوماسية الدولية مع المغرب يجب أن تستمر حسب الواقع القائم حاليا في المناطق الجنوبية للمغرب وليس على أساس تغييره لصالح نظام إداري اقتصادي سياسي آخر بمعنى “الحكم الذاتي”.

المستوى الثالث: التحرك من أجل إدانة سلوكيات البوليساريو بالمنطقة ومن خلال أعمالها وممارساتها داخل المخيمات

فقد أضحى تنظيم البوليساريو يرتكب أفعالا تهدد الأمن والاستقرار في شمال أفريقيا وفي دول جنوب الصحراء، إضافة إلى ما يقوم به من خروقات،بالجملة، لكل الأعراف والقوانين في تندوف والتي ترتقي في الواقع إلى جرائم ضد الإنسانية، كما يظهر ذلك من الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني-في المخيمات- وما يقوم به من أعمال نهب وسرقة وإرهاب…

فلابد من أن نشير هنا بأن هناك على الأقل خمس متغيرات تتداخل في تفسير سلوكيات البوليساريو وما تقوم به من ممارسات وأفعال محظورة والتي تنوعت أشكالها وخطورتها خاصة في الوقت الراهن :يتمثل المتغير الأول أساسا في تراجع معظم الدعم الدولي للبوليساريو بعد انكشاف أمرها أمام المجتمع الدولي.أما المتغير الثاني فيتجلى في وجود النظام الجزائري في أزمة خانقة على المستوى الداخلي وفي عزلة دولية غير مسبوقة.بينما الثالث فيعود للتطورات الإيجابية التي عرفها ملف الصحراء لصالح المغرب، خاصة على مستوى قرارات مجلس الأمن الدولي. أما الرابع فيظهر على صعيد فشل كل مناورات البوليساريو لكسب تأييد دولي لأفكارها الانفصالية. أما المتغير الخامس فيتمثل في زيادة إقرار الدول بسيادة المغرب على صحرائه.

بفعل هذه المتغيرات أصيبت البوليساريو بإحباط شديد، ومن ثمة بدأت تقوم بأعمال أكثر تطرفا وانحرافا، وأضحت ترتكب أفعالا(تشرف عليها عصابة شنقريحة) ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية، وتخالف كل الأعراف والقوانين، وهذه الأفعال يمكن رصد بعض منها في:

-تعذيب معارضين ونفيهم وقتلهم،واحتجاز الأشخاص والاتجار في البشر، و تجنيد الأطفال واغتصاب النساء..

– الاتجار في الأسلحة والمخدرات..

– اختلاس وسرقة المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية..

– القيام بسلوكات ذات طابع إرهابي(كان آخرها المشاركة في قتل سائقين مغربيين وجرح آخرين في مالي)، والتورط في علاقات مع جماعات جهادية..

إِنها معطيات تبرهن على أن النظام الجزائري أصبح عمليا يحتضن ويدعم تنظيما يشكل خطرا على كل أرجاء المنطقة، تنظيما إرهابيا لم يعد التفاوض معه أمرا سلِيما وممكنا، كما أن التفكير في إدماجه في إطار “حكم ذاتي” أضحى مغامرة، فلم يعد مقبولا أن يُستأمن من يعذب المعارضين ويغتصب النساء ويجند الأطفال ويتاجر في البشر والسلاح، والمساعدات الإنسانية، ويقوم بأعمال المافيا وينتج قطاع طرق ويعمل على تدريبها ويجند المرتزقة لشن أعمال نهب وتدمير وتهديد واختطاف..لم يُعد مسموحا النقاش مع هؤلاء ومنحهم فرصة” الحكم الذاتي”، فهذا قد يمس بحقوق الأجيال القادمة، وبالخصوص أبناء وأحفاد المغاربة المحتجزين في تندوف(محتجزين وليسوا بلاجئين)، والذين عانوا الويلات لأزيد من أربعون سنة.

فلا بد أن يعودوا هؤلاء المغاربة إلى وطنهم للاستفادة منه والمساهمة في بنائه، وأخص هنا السكان ذو الأصول المغربية، بينما المنتمون إلى الجزائر و إلى جهات أخرى، ويعدون بالآلاف، فهم يتواجدون فوق الأراضي الجزائرية، فعلى الجزائر أن تتحمل مسؤوليتها في إيجاد حل لهؤلاء، بعد تسليم قادة البوليساريو للمحاكمة، وكذا كل جنرال جزائري تورط في الجرائم التي ارتكبت في مخيمات تندوف.

2 – ترسيخ الجهوية الموسعة في الصحراء وتعزيز التنمية المحلية:

أعلن المغرب عن الارتقاء بالتنظيم اللامركزي في دستور2011 إلى نظام الجهوية المتقدمة، من خلال التأكيد على أن “التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة”، فهذه الرؤية تتقاطع في الواقع مع  توجهات الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، باعتبارهما يسعيان إلى تغيير محوري في ما يرتبط بالتدبير المحلي في المملكة، وذلك عبر وضع مسألة اتخاذ القرار (المحلي) الإداري والاقتصادي والمالي في يد السكان عبر المجالس المنتخبة، وتوسيع هامش مشاركة المواطن في إطار الديمقراطية المحلية ذات البعد التشاركي.

بهذا التوجه الإداري في تسيير الشأن المحلي المغربي يكون المغرب قد حسم مسألة اختياره الديمقراطي هذا، عبر الانتقال من تنظيم المركزية الإدارية إلى اللامركزية الإدارية في جميع أبعاده الاقتصادية والمالية والتدبيرية.. ليتِم تأكيد هذا المسار عبر نظام تشاركي أعمق في إطار ما يطلق عليه بالجهوية المتقدمة.

وبما أن المناطق الصحراوية تعد جزء لا يتجزأ من التراب الوطني للمملكة، فقد كان لابد أن تحضى باهتمام بالغ في إطار هذا النمط  الإداري الذي تسير عليه المملكة، وذلك عن طريق القيام بترسيخ الجهوية كإطار لتنمية مجالية مستدامة، وعليه، فالجهوية الموسعة كانت إذن بمثابة الخطة الثانية(planB)التي يُستلزم تنزيلها كبديل لمقترح الحكم الذاتي إذا استعصى التوصل إلى حل نهائي لملف الصحراء في إطار السيادة المغربية، لكون قيادة البلاد (ووفق ما يقتضيه واجب الاهتمام بجميع المناطق المغربية) لم تكن لِتنتظر حلا لملف الصحراء، والذي لن يأتي أبدا، حتى تعتني بمواطنيها وتقوم بما تتطلب الأقاليم الجنوبية من تنمية وتقدم.

إن الاهتمام الكبير بتعزيز التنمية في الأقاليم الجنوبية يشكل جزء من الإستراتيجية العامة التي يجب السير فيها وتدعيمها وترسيخها، باعتبارها إحدى الديناميات المعتمدة لمجابهة أعداء الوحدة الترابية، ولاشك في أن التوجهات الملكية تذهب في هذا الاتجاه لكونها تلح بشكل دائم على خلق نوع من الرفاهية في المنطقة، من خلال العمل على تكريس المشاريع التنموية الجهوية الجديدة المندمجة والمستدامة، بما يفيد في تأهيل وتعزيز البنية التحتية للأقاليم الجنوبية، وبما يكفل الاستفادة من ثروات المنطقة وتشغيل اليد العاملة وتعزيز الاقتصاد التضامني عامة بالمنطقة الجنوبية.. وذلك لتجاوز إكراهات الماضي والتطلع للمستقبل.

إن الواقع القائم في الأقاليم الجنوبية للمملكة،اليوم، هو واقع يجسد مستوى عالي من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية، لذلك ليس من المعقول إدخال هذه الأقاليم في نمط آخر من التدبير(الحكم الذاتي) يشارك فيه أناس بعقلية انفصالية جُبلوا عليها في مخيمات تندوف، فخطوة من هذا القبيل قد تعرقل التطورات التي حصلت على الصعيد التنموي في هذه الجهة من المملكة، كما قد تزج بالمنطقة في آتون إشكالات مفتوح على كل الاحتمالات في المستقبل.

 

واقع جديد يستدعي اتخاذ خطوات ومواقف جديدة

بعد أحداث الكركرات أعلنت البوليساريو خروجها من اتفاق وقف إطلاق النار وأعلنت على أنها في حالة حرب مع المغرب، مما يعني أن هذا التنظيم اليوم في مأزق حقيقي، مأزق يتمظهر على الأقل في وضعيتين أساسيتين الأولى مع الأمم المتحدة؛ حيث أن البوليساريو انسحبت من اتفاق وقف إطلاق النار الذي ترعاه الهيئة الأممية، وهذا يعني الإخلال بالتزاماتها اتجاه مجلس الأمن باعتباره المسؤول الأول على السلم والاستقرار في العالم، كما أنه المشرف الوحيد اليوم على تدبير ملف الصحراء. والوضعية الثانية مع المغرب؛ فهذا الأخير عليه ألا يقبل بأي حال من الأحوال الدخول مرة أخرى في “نقاش” مع تنظيم ليس فقط انفصالي بل يرتقي إلى جماعة إرهابية، ولا يمت بأي صلة بالقانون الدولي ولا يخضع له، وبالتالي لا معنى أن تفتح من جديد مفاوضات مع كيان يفتقد لأي مركز قانوني على الصعيد الدولي ويفتقد لأي شرعية.. أو تمثيلية.

إن الجهة الوحيدة التي لها شرعية تمثيل الساكنة في الأقاليم الجنوبية هي المؤسسات المنتخبة محليا(مجالس الجماعات والمقاطعات والجهات) وعلى صعيد الهيئة النيابية(البرلمان) والتي انْتُخبت وتشكلت بشكل ديمقراطي، حيث اختارها المواطنون بشكل حر ونزيه، أما البوليساريو فهي عبارة عن تنظيم بدأ انفصاليا وانتهى إرهابيا ولا يمثل سوى نفسه، على اعتبار أن الساكنة التي في تندوف هم مواطنون مغاربة محتجزون بالقوة من طرف البوليساريو والنظام الجزائري. فهل يا ترى  من الصواب فتح نقاش ومفاوضات، مرة أخرى، مع كيان خطير على المنطقة وساكنتها وهو في الحقيقة مجرد آلية توظفها الجزائر ضد المغرب  ومصالحه ووحدته الترابية؟!.

إذن هناك واقع جديد يجب على الدبلوماسية المغربية أن تستثمره، وتجعل منه عاملا قويا، وتتعامل على أساسه في تحركاتها الدولية في تدبيرها لملف الصحراء، وذلك من خلال الانطلاق من الحقائق التالية:

– هناك اعتراف دولي قوي بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، وتجسد ذلك عمليا في فتح العديد من القنصليات بالداخلة والعيون.

– ساكنة الأقاليم الجنوبية للمغرب تُعبّر عن انخراطها بشكل قوى في ما تتخذه بلادنا من إصلاحات سياسية وديمقراطية وتجلى ذلك عبر المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية التي تنظم بشكل دوري في المملكة.

– الجهات الجنوبية للمغرب تتمتع بعناية خاصة في ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية،كما أن المواطنون الصحراويون يؤمنون إيمانا عميقا بالتدبير الجهوي القائم حاليا في المنطقة باعتباره يستجيب لتطلعاتهم التنموية.

إنها حقائق تتيح الفرصة لوضع ملف الصحراء في مساره السليم والصحيح، وهو مسار يتطلب اتخاذ على الأقل ثلاثة خطوات في غاية الأهمية:

الأولى: إطْلاع المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام إلى الصحراء السيد ديمستورا، وعبره الأمم المتحدة، بأن هناك وضعا جديدا ومعطيات جديدة، مما يستدعي تدبيرا جديدا ومقاربة جديدة ترمي إلى الارتكاز على أن المغرب في صحرائه، وأن هناك إقرارا دوليا مهما بسيادة المغرب على صحرائه وأن المغرب طرح في سياق معين مبادرة الحكم الذاتي التي لم تعد تنسجم والتطورات الحالية لقضية الصحراء، وهذا يفرض على المبعوث الشخصي الانكباب على وضع نهاية لهذا الملف وفقا للواقع القائم حاليا في الصحراء.

فديمستورا عليه أن يقتنع تمام الاقتناع، كما سابقيه، بأن البوليساريو لا تريد حلا لهذا الملف سواء وفق منظور الأمم المتحدة ولا وفق أية مقاربة مهما كانت الجهة التي ستقترحها، لأنه سبق وأن جُرّبت كل المبادرات( القانونية والسياسية) ولم تفضي لأي نتيجة حاسمة في هذه القضية، فبكل بساطة قيادة البوليساريو ومن ورائها الجزائر تريد الإبقاء على الوضع كما هو للاستفادة منه ما أمكن ولوقت أطول.

الثانية: استبعاد الجزائر بشكل نهائي من اعتباره كطرف يجب إشراكه في إيجاد حل لملف الصحراء، فالصحراء أرض مغربية والبوليساريو اخْتُلِقَت كحركة انفصالية(قبل أن تصبح تنظيما إرهابيا محتضنا من طرف الجزائر) لضرب الوحدة الترابية للملكة، فالجزائر متورطة في كل الاعتداءات التي تعرض لها المغرب منذ اصطناع البوليساريو في تندوف، وإلى اليوم، فما الذي يمكن أن تضيفه الجزائر في هذا الملف غير نسف كل المبادرات التي تسعى إلى حله وإنهائه؟

إن المركز القانوني الذي يجب أن يعطى للجزائر في إطار ملف الصحراء هو اعتبارها دولة تمارس عدوانا مستمرا  تجاه المملكة المغربية عبر احتضانها لجماعة فوق أراضي(تندوف) تمارس عليها سلطتها الإدارية والسياسية وتقدم لها الدعم بالمال والسلاح، ففي سياق قيام البوليساريو بالعديد من الأعمال الإجرامية والإرهابية يجب إدراج النظام الجزائري من طرف المجتمع الدولي ضمن الأنظمة المحتضنة والداعمة للإرهاب خاصة في منطقة الساحل والصحراء.

فالجزائر باعتبارها الجهة المسؤولة عن خلق واستمرار النزاع في الصحراء المغربية مدعوة ليس إلى الانخراط في “مسلسل الموائد المستديرة” من منطلق أنها كطرف في ملف الصحراء للبحث عن حل له، بل النظام الجزائري  مطالب، لكونه متورط في كل ما وقع من أحداث وانتهاكات ذات ارتباط بملف الصحراء، بالتعويض عن الخسائر التي خلفتها الحرب في الصحراء،كما يجب أن يساءل عن احتجازه لسكان مغاربة في تندوف، وعن احتضان منظمة إرهابية فوق أراضي جزائرية، ومطالب بضرورة تسليم قيادة البوليساريو والجنرالات الذين تورطوا في خرق القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان .. في مخيمات تندوف من أجل محاكمتهم أمام محكمة تنشأ لهذا الغرض..

الثالثة: لا تفاوض مع كيان إرهابي ويجب تصنيفه دوليا على أنه جماعة إرهابية

المغرب أضحى أمامه، اليوم، من الدلائل ما يمكن توظيفه على الصعيد الدولي لجعل المجتمع الدولي يقتنع بتبني أطروحته(المغرب) ، فيما يتعلق بكون البوليساريو غدت جماعة تمارس أعملا إرهابية وإجرامية..ويجب أن تصنف دوليا على أنها ضمن التنظيمات الجهادية ذات الارتباط بالقاعدة و”الدولة الإسلامية”..وغيرها من التنظيمات المتطرفة.

بناء عليه فالمغرب يجب أن يرفض أي تفاوض مع تنظيم أصبح في حكم الإرهابي لا في إطار مبادرة الحكم الذاتي ولا أي أساس آخر، فما يمكن فتح “النقاش” حوله مع الممثل الشخص للأمين العام الأممي هو:

– إخبار الممثل الشخصي للأمين العام بأن المغرب يلتزم ومن جانب واحد بوقف إطلاق النار، مع الاحتفاظ بحق الدفاع عن النفس في حالة التعرض لأي اعتداء من أي جهة كيفما كانت.

– إيجاد صيغة لكيفية عودة المغاربة المحتجزين بعد فرزهم عن المرتزقة الذين أتى بهم النظام الجزائري وقيادة البوليساريو إلى تندوف.

-العمل على ضرورة تسليم الجزائر لقيادة البوليساريو ليخضعوا للمحاكة، نظرا لما ارتكبوه من جرائم في حق السكان المغاربة المحتجزين في تندوف..

– تنبيه المجتمع الدولي  إلى ضرورة أن يتحمل مسؤوليته فيما يجب اتخاذه من إجراءات ضد تنظيم البوليساريو، الذي أصبح مصدرا لعدم الاستقرار وعدم التساهل مرة أخرى معه، نظرا لما يقوم به من أعمال وممارسات غير مشروعة سواء داخل المخيمات أو بمنطقة الساحل والصحراء..

 

*باحث رئيسي بوحدة القانون الدولي العام والعلاقات الدولية/ بالمركز الوطني للدراسات القانونية.

**باحث مشارك بوحدة القانون الدولي العام والعلاقات الدولية/ بالمركز الوطني للدراسات القانونية.