دورة تكوينية: حماية الطفل في النزاعات الأسرية العابرة للحدود

لأكثر من قرن، اهتم مؤتمر لاهاي بالمظاهر المدنية لحماية الأطفال المعرضين لخطر جسيم في الأوضاع ذات الصبغة الدولية. وخلال النصف الثاني من القرن العشرين، تسبب فتح الحدود الوطنية، وتسهيل النقل، وكذا سقوط الحواجز الثقافية في زيادة الأخطار بصورة ملموسة.
إن الاتجار بالأطفال عبر الحدود، واستغلالهم، وكذا نقلهم الذي تولد عن اضطرابات الحرب المدنية، وأيضا عن الكوارث الطبيعية، أصبحت تشكل مشاكل رئيسية.فهناك أطفال يعانون من التفكك الأسري في الحالات العابرة للحدود من جراء نزاعات متعلقة بحقوق الحضانة والنقل، ومخاطر الاختطاف الدولي من طرف الآباء، صعوبات الاتصال بين الطفل وأبويه، وكذا المعارك المؤلمة من أجل ضمان الدفع العابر للحدود للنفقة اتجاه الأطفال .
ويلاحظ كذلك ارتفاع النقل العابر للحدود للأطفال أو توفيقمؤقت، مع المخاطر المرتبطة ببعض الدول التي تعاني مشاكل عديدة من أجل ضمان العلاجات العائلية لجميع الأطفال، في حين تلمس دولا أخرى الارتفاع المهول لطلبات الأطفال من قبل الأزواج.
وأبرمت ثلاث اتفاقيات خلال 25 سنة الأخيرة من طرف مؤتمر لاهاي ، ومن ضمن أهدافها منح ميكانيزمات عملية تسمح للدول التي تشترك بمصلحة مشتركة لحماية الأطفال بالتعاون بينها. الاتفاقية الأولى للاهاي هي اتفاقية 1980 المتعلقة بالمظاهرالمدنية للاختطاف الدولي للأطفال، والتي من خلالها تتعاون 75 دولة فيما بينها من أجل حماية الأطفال ضد الآثار السلبية من جراء نقلهم إلى خارج الوطن أو عدم الإرجاع الغير الشرعي. أما اتفاقية 1993 لحماية الأطفال والتعاون في مادة التبني الدولي ، فقد أبرمت من أجل ضبط التبني الدولي لحماية مصالح الأطفال المعنيين، والتي دخلت حيز النفاذ بأكثر من 65 بلد مضيف و أصلي.
اتفاقية 1996 :
إن الاتفاقية المؤرخة في 19 أكتوبر 1996 المتعلقة بالاختصاص، والقانون المطبق، والاعتراف، والتنفيذ، والتعاون في مادة المسؤولية الأبوية، والإجراءات الحمائية للأطفال هي ثالث اتفاقية حديثة للاهاي، والتي تضم مجال تطبيق واسع مقارنة مع الاتفاقيتين السابقتين إذ أنها ترتكز على نطاق واسع من التدابير المدنية لحماية الأطفال، خاصة تلك المتعلقة باتخاذ قرارات تهم المسؤولية الأبوية وحق الاتصال، والتدابير العمومية لحماية الطفل، وكذا أسئلة متعلقة بالتمثيل القانوني لحماية أموال الطفل.
وأسست الاتفاقية مجموعة من المساطر المنتظمة تحدد السلطات المختصة من أجل اتخاذ التدابير المناسبة للحماية. هذه المساطر، التي تمنع احتمال أي نزاع، تمنح المسؤولية الأساسية لسلطات البلد الذي توجد به إقامة الطفل الاعتيادية، وتسمح أيضا لأي بلد يوجد به الطفل من اتخاذ تدابير حمائية وقائية أو استعجالية ضرورية. كما أن الاتفاقية تحدد القانون المطبق، وتنص على الاعتراف وتنفيذ الإجراءات الحمائية في جميع الدول المتعاقدة. ومن جهة ثانية ، فإن تدابير التعاون المنصوص عليها في الاتفاقية تمنح إطارا ملائما لتبادل المعلومات والتعاون الضروري بين السلطات الإدارية في مجال حماية الأطفال بين مختلف الدول المتعاقدة.
وتقدم الاتفاقية قيمة مضافة في الميادين التالية:
– صراعات الأبوين المتعلقة بحق الحضانة وحق الاتصال :
– تمنح الاتفاقية إطارا قانونيا لحل المشاكل المتعلقة بالحضانة والاتصال، والتي يمكن أن تطرح عندما يقيم الوالدين المنفصلين في دول مختلفة. كما تخول الاتفاقية تجنب المشاكل المترتبة عندما تكون محاكم أكثر من دولة واحدة مختصة لمعالجة هذه المشاكل.
– كما أن الشروط المتعلقة بالاعتراف والتنفيذ تلغي عرض المشاكل المتعلقة بالحضانة والاتصال من جديد أمام المحاكم، وتضمن إعطاء الأولوية للقرار الصادر عن سلطات الدولة المتواجد بها الإقامة الاعتيادية للطفل.
إن المقتضيات المتعلقة بالتعاون تخول تبادل المعلومات المناسبة و تمنح هيكلة تسمح بإيجاد حلول مقبولة من طرف هذه الدولة وتلك، خاصة بواسطة الوساطة أو أية وسائل أخرى.
تعزيز اتفاقية 1980 المتعلقة باختطاف الأطفال :
إن اتفاقية 1996 تعزز تلك المؤرخة في 1980 وذلك بتخويل الدور الرئيسي لسلطات محل الإقامة الاعتيادية للأطفال ، عندما تصدر تدابير حمائية للطفل ضرورية ولأجل طويل الأمد.
إن اتفاقية 1996 تعزز كذلك فعالية أي تدبير حمائي مؤقت صادر عن قاضي يأمر بإرجاع الطفل إلى البلد الذي انتزع منه، مع جعل هذه القرارات قابلة للتنفيذ في ذلك البلد إلى حين منح السلطات المختصة التدابير الحمائية المناسبة.