حلقة نقاشية: تدبير الطلبيات العمومية في ظل جائحة كورونا

إعداد: سعيد رحو*/ محمد خاشون*

في إطار الأنشطة العلمية التي يقوم بها المركز الوطني للدراسات القانونية برسم برنامجه السنوي لسنة 2020، وتفاعلا مع تداعيات الأزمة الصحية التي اجتاحت المغرب على غرار باقي بلاد المعمور، نظمت وحدة القانون الإداري وعلم الإدارة يوم الأحد 15 نونبر 2020 حلقة نقاشية حول “تدبير الطلبيات العمومية في ظل جائحة كورونا” من تأطير الأستاذ مصطفى كرم، دكتور في المالية العامة ، وأستاذ زائر بمجموعة من كليات الحقوق ومراكز التكوين، ومن تسيير الأستاذ عبد الحق ذهبي، قاضي ملحق برئاسة النيابة العامة.

انصبت مداخلة الأستاذ على الإجابة على إشكالية محورية تتعلق بطرق ومساطر إبرام الصفقات العمومية في ظل جائحة كورونا، ومختلف الاكراهات التي واجهت طرفي العقود فيها ؟

استهل الأستاذ مصطفى كرم مداخلته بالحديث عن السياق الزمني لظهور جائحة كورونا، والآثار التي خلفتها على كافة الميادين الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، مركزا على الجانب الاقتصادي، وفي هذا الصدد، يؤكد الأستاذ على أن مواجهة هذه الأزمة دفع الحكومة المغربية، إلى خلق لجنة يقظة، اتخذت مجموعة من التدابير تتمثل بالخصوص في تحويل نقدي مباشر لفاقدي الشغل، المسجلين في الضمان الاجتماعي، مع تمتيعهم بالتغطية الاجتماعية والتأمين الصحي، نفس الأمر بالنسبة للمزاولين للأنشطة غير المهيكلة، كما تم اتخاذ إجراءات أخرى لتخفيف العبء المالي على كثير من الشرائح المجتمعية الهشة، حيث تراجع نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام خلال السنة الجارية، بسبب تأثر عدد من القطاعات، وهو الأمر الذي نتج عنه فقدان الملايين من مناصب الشغل عبر العالم.

وبعد هذه النبذة التي استعرض فيها الأستاذ المحاضر مختلف التداعيات التي خلفتها الجائحة على بلادنا، تلك التداعيات التي أثارت نقاشا واسعا بين مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين والسياسيين، مما أفضى إلى استجابة لجنة اليقظة الاقتصادية  لعدد من مقترحات الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وإن بقي إعلان فيروس كورونا ك”قوة قاهرة” فيما يخص الصفقات العمومية كأحد المطالب الملحة التي طالب بها الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى أن تحقق لهم ذلك.

وفي نفس السياق تناول المحاضر، المقصود من إعلان فيروس كورونا ك”قوة قاهرة” فيما يخص الطلبيات العمومية، حيث أكد على أنه يرمي إلى إعفاء جميع المقاولات التي ظفرت بصفقات ومشاريع لمختلف الإدارات والجماعات ومؤسسات الدولة عموما،  من أي متابعات أو غرامات عن التأخير في إنجاز هذه المشاريع بالنظر إلى الظرفية الخاصة، المتسمة بحالة الطوارئ الصحية.

وفي نفس السياق أعطى رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني، الضوء الأخضر لوزرائه للتغاضي عن المساطر المعقدة التي يفرضها مرسوم الصفقات العمومية، إذ دعا إلى إبرام جميع الصفقات ظل حالة الطوارئ الصحية، وفق مقتضيات القانون الجديد /قانون19.55 المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية/ الذي من شأنه أن ييسر مساطرها لتسريع تنزيلها أولا، وثانيا أن تتم على شكل صفقات تفاوضية إلى حين انتهاء حالة الوباء ورفع حالة الطوارئ الصحية.

وتعتبر الطلبيات العمومية بحسب الأستاذ مصطفى كرم، الوسيلة الأساسية التي تعتمدها الإدارة والدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها والمؤسسات العمومية لتنفيذ سياستها التنموية، لذلك أولاها المشرع المغربي أهمية كبرى من حيث التدخل لتحيين الإطار القانوني المنظم للأحكام التي تطبق على هذا النوع من العقود، لجعلها قادرة على مسايرة الأوضاع المستجدة مع احترام مجموعة من المبادئ من قبيل وحدة الأنظمة المؤطرة للطلبيات العمومية،  طبقا للمرسوم رقم 2-12-349 بتاريخ 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية، وكذا تبسيط وتوضيح المساطر، وتحسين مناخ الأعمال والمنافسة، وتدعيم الشفافية وأخلاقيات تدبير الطلبيات العمومية، ونزع الصفة المادية عن مسطرة الإبرام  لحكامة تدبير الطلبيات العمومية، ثم في الأخير لتحسين الضمانات الممنوحة للمتنافسين وآليات تقديم الطعون والأخذ بعين الاعتبار حماية البيئة.

على ضوء هذه المبادئ، أحاط المشرع المغربي عملية تدبير الطلبيات العمومية بالعديد من الآليات القانونية والمسطرية التي تتضمن طرق وكيفيات إبرامها، وكذا اختيار المتعاملين مع الإدارة والإجراءات المتعلقة بها، بغرض حماية المال العام، وضمانا لمبدأ المساواة بين المتعاملين قصد تمكين الإدارة من اختيار أفضل المتنافسين للتعاقد معه. وغير خاف أن الطلبات العمومية تبرم وفق مساطر عادية وأخرى استثنائية.

بالنسبة للمساطر العادية فإنها تعتبر أسلوبا لفتح المجال أمام أكبر عدد من المتنافسين، بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات لصالح الدولة، وهي تعتبر الطريقة المبدئية لإبرام الطلبيات العمومية في الظروف العادية، وتنقسم هذه المساطر العادية إلى ثلاثة أنواع وهي: ” طلب العروض المفتوح”  “طلب العروض المحدود”و” طلب العروض بالانتقاء المسبق”. أما بالنسبة للمساطر الاستثنائية، فتبرم من خلالها الطلبيات العمومية وفق مساطر استثنائية وكذلك، تنفذ لاعتبارات جديدة لم تكن متوقعة في مرحلة الإعداد والإبرام وكذلك مرحلة التنفيذ.

وقد أبرز الأستاذ، أنه في ظل الجائحة، يجب التمييز بين مرحلتين؛ فهناك الطلبيات العمومية التي تم إبرامها قبل تفشي الوباء وهي الآن في طور الإنجاز، وهناك طلبيات عمومية، تبرمها مختلف الإدارات العمومية في ظل الجائحة لسد الحاجيات الآنية والملحة، والتي تكتسي في مجملها طابعا استعجاليا، يستوجب الإسراع في إبرامها وتنفيذها على غير العادة المعمول بها في الظروف العادية.

وتساءل الأستاذ المحاضر في ذات السياق، حول الحالة التي يكون فيها  أحد الأطراف متخلفا عن الوفاء بما عليه من التزامات، بناء على اعتبار العقد شريعة المتعاقدين، هل يتعلق الأمر بقوة قاهرة أم بظرف طارئ بالنسبة للطلبيات العمومية التي امتد أجل تنفيذها إلى غاية بداية الأزمة الصحية؟

فإذا كان القانون يعاقب المتخلف عن الوفاء بالتزاماته تجاه الطرف الأخر من العقد في ظل الظروف العادية، فإن المشكل أصبح مطروحا في ظل جائحة كورونا، وهنا استحضر الأستاذ المادة 47 من مرسوم 13 ماي2016، المتعلق بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة للأشغال،  على أنه في حالة وقوع حدث يشكل قوة قاهرة، يحق للمقاول الحصول على تمديد معقول في أجل التنفيذ. ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه ما لم يقدم صاحب الصفقة الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه.

ففي إطار التدابير المتخذة للحد من جائحة فيروس كورونا –كوفيد- 19، ومن أجل تجنب تطبيق غرامات التأخير في حق المقاولات الحاصلة على الصفقات العمومية نتيجة لتأخير لا يعزى​ إليها، فقد تقرر اتخاذ الإجراءات التالية:

  1. اعتبار الأثر المترتب عن حالة الطوارئ الصحية وإجراءات الحجر الصحي المطبقة على الأفراد، خارجا عن إرادة المقاولات الحاصلة على الصفقات، فيما يخص آجال​ تنفيذ الصفقات العمومية، ويندرج بالتالي في إطار حالات القوة القاهرة؛
  2. دعوة أصحاب المشاريع التابعين لإدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وباقي الهيئات الخاضعة للمراقبة المالية للدولة، إلى الموافقة على طلبات المقاولات التي تثير القوة القاهرة، بسبب إجراءات حالة الطوارئ والحجر الصحي المتخذة من قبل السلطات العمومية، دون الأخذ بعين الاعتبار أجل سبعة أيام لتقديم طلباتها في الموضوع؛​
  3. إقرار تمديد الآجال التعاقدية، بواسطة عقد ملحق، سواء بالنسبة لصفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، وذلك في حدود مدة الطوارئ الصحية؛

4- دعوة أصحاب المشاريع كذلك، خلال فترة الطوارئ الصحية، إلى اللجوء عند الاقتضاء، إلى آليات تأجيل تنفيذ الأشغال أو التوريدات أو الخدمات أو أوامر إيقاف أو إعادة استئناف الخدمة؛

5- تذكير مختلف المتدخلين في مجال الطلبيات العمومية بضرورة إعطاء الأولوية، خلال فترة الطوارئ الصحية، للتبادل الإلكتروني بجميع أشكاله، للوثائق المثبتة وللمستندات، بدلا من الدعامات الورقية.​

كذلك، يكون لصاحب الصفقة الحق في الحصول على تعويض جزئي أو كلي إذا ثبت تعرضه لخسائر فادحة لا ترجع مسؤوليتها إلى فعل صادر عنه نتيجة الإخلال بالتزاماته، وإنما إلى عوامل أخرى من أهمها تلك التي تنظمها نظرية فعل الأمير أو الظروف الطارئة أو الصعوبات المالية غير المتوقعة.

وتطرق الأستاذ المحاضر في نقطة موالية إلى نظرية الظروف الطارئة، حيث تتحقق هذه النظرية، عندما يتعرض صاحب الصفقة إلى أضرار يرجع سببها إلى ظروف ليست من صنعه ولا من صنع الإدارة المتعاقدة معه، وإنما ترجع إلى أسباب خارجة عن إرادتهما، مما يصعب عليه تنفيذ أعمال الصفقة، إلا بعد مشاركة الإدارة صاحبة المشروع له في تحمل نصيب من الخسارة عن طريق التعويض الجزئي.

وفي الختام، ركز الأستاذ المحاضر على أهم المقترحات القانونية التي من شأنها أن تلازم عمليات إبرام وتنفيذ الطلبيات العمومية في زمن الكورونا؛ وتتمثل بالأساس في العناصر التالية:

  1. البرنامج التوقعي وتحديد الحاجات  :

بداية يتعين على أصحاب المشاريع، قبل أية دعوة للمنافسة أو أية مفاوضة، أن يحددوا بكل ما يمكن من الدقة، الحاجات المراد تلبيتها، والمواصفات التقنية ومحتوى الأعمال. حيث يجب تحديد هذه الحاجات بالإحالة على معايير مغربية معتمدة أو عند انعدامها على معايير دولية. ويجب أن تستند المواصفات التقنية إلى مميزات تتعلق خصوصا بالنجاعة والقدرة والجودة المطلوبة. بحيث  يجب أن تقتصر الأعمال موضوع الطلبيات على الاستجابة لطبيعة وحجم الحاجات المراد تلبيتها /المادة 5 من مرسوم 20 مارس 2013.

كل الحاجات المراد تلبيتها يجب أن تكون موضوع نشر في البرنامج التوقعي في بداية كل سنة مالية وقبل متم الثلاثة أشهر الأولى منها على أبعد تقدير /المادة 14 من مرسوم 20 مارس 2013 . لذلك، كان يجب بداية من شهر أبريل 2020، نشر برامج توقعية تعديلية أو تكميلية عند الحاجة تحسبا لاستدراك كل الطلبيات التي لم تكن متوقعة في مرحلة إشهار البرنامج التوقعي في نسخته الأصلية.

  1. اعتماد نزع الصفة المادية عن مسطرة الإبرام  لتحقيق الحكامة في تدبير الطلبيات العمومية

ضمانا لحرية ولوج الطلبيات العمومية، يمكن للمتنافسين إما أن يرسلوا ملفاتهم بطريقة إلكترونية /المادة 7من قرار لوزير الاقتصاد والمالية رقم 20.14 صادر في 8 ذي القعدة 1435/4 سبتمبر2014، إلى صاحب المشروع أو أن يودعوها على حامل ورقي، طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 31 من المرسوم رقم 2.12.349 .

فإذا كانت المشاركة بطريقة إلكترونية  أو على حامل ورقي أثناء المتنافس تدعيما لحكامة الطلبيات العمومية، فالوضع في زمن كورونا، أصبح استثنائيا، حيث أضحى ضروريا إعطاء الأولوية للمشاركة الإلكترونية  أو حتى إقرارها كخيار أساسي، يتماشى والظروف المقررة في ظل الحجر الصحي، وذلك تفاديا للتنقل ودرءا لكل اختلاط بين ممثلي المقاولات في اليوم  المحدد لطلبات العروض. وعلى كل حال، فالمنافسة الإلكترونية لأجل الظفر بالطلبيات العمومية، ستتخذ طابعا إجباريا مع بداية شهر يناير من 2021، وذلك للإقرار النهائي لنزع الصفة المادية عن الطلبيات العمومية بغية تعزيز مبادئ الشفافية والمساواة  وتكافؤ الفرص.

  1. منح التسبيقات

لتخفيف الأعباء المالية عن كل متعاقد محتمل مع الإدارة، خصوصا في ظل الظروف الاستثنائية التي أملاها الوضع الصحي الحالي، فإنه يجدر بكل أصحاب المشاريع، اعتماد آلية منح التسبيقات للمقاولات نائلة هذه الطلبيات. يعني أداء دفوعات إلى أصحاب الصفقات بمثابة تسبيقات، حيث يراد بالتسبيق، المبالغ التي يدفعها صاحب المشروع إلى صاحب الصفقة لتأمين تمويل النفقات الملتزم بها لأجل تنفيذ الأشغال والتوريدات والخدمات موضوع هذه الصفقة. وبذلك تعتبر التسبيقات استثناء لقاعدة الأداء بعد الخدمة المنجزة، وهو إجراء أريد به التخفيف من الأعباء المالية التي تثقل كاهل المقاولات.

غير أن المشرع أحاط الحصول على التسبيقات بشروط محددة:

  • يدفع التسبيق عندما يعادل المبلغ الأصلي للصفقة أو يفوق خمسمائة ألف ( 500.000 ) درهم مع احتساب جميع الرسوم، كذلك عندما تفوق مدة الإنجاز أو تعادل أربعة ( 4 ) أشهر، إلا أنه لا يمكن منح تسبيق لصاحب الصفقة بالنسبة إلى جزء الصفقة الذي يكون موضوع تعاقد من الباطن.
  • يحدد مبلغ التسبيق في عشرة في المائة (10%) بالنسبة لمبلغ الصفقة الذي يقل أو يعادل عشرة ملايين  (10.000.000 ) درهم مع احتساب جميع الرسوم. بالنسبة لجزء من مبلغ نفس الصفقة الذي يفوق عشرة ملايين ( 10.000.000 ) درهم مع احتساب جميع الرسوم، فإن نسبة التسبيق تحدد في خمسة في المائة (5%) من هذا المبلغ دون أن يتجاوز مبلغ هذا التسبيق برسم صفقة، عشرين مليون (20.000.000 ) درهم. فللإشارة  مراجعة الأثمان عند احتساب مبلغ التسبيق، لا تؤخذ بعين الاعتبار.

وقبل الحصول على التسبيقات، يعمل صاحب الصفقة، قبل منح التسبيق على تكوين كفالة شخصية وتضامنية تلتزم معه بإرجاع مجموع مبلغ التسبيقات المقدمة من طرف صاحب المشروع. ويجب اختيار الكفالة الشخصية والتضامنية من بين المؤسسات المعتمدة لهذا الغرض طبقا للتشريع الجاري به العمل.

4.الصفقات المحصصة

يقصد بالحصة حسب مفهوم هذه التسمية ما يلي :

­   فيما يتعلق بالتوريدات: مادة أو مجموعة من المواد أو أشياء أو سلع لها نفس الطبيعة وتكتسي صبغة متجانسة أو متشابهة أو متكاملة؛

­   فيما يتعلق بالأشغال والخدمات: جزء من العمل المراد إنجازه أو حرفة أو مجموعة من الأعمال تندرج ضمن مجموعة متجانسة إلى حد ما وتتوفر على مواصفات تقنية متشابهة أو متكاملة.

في كل الحالات، يمكن أن تكون الأشغال أو التوريدات أو الخدمات موضوع صفقة فريدة أو صفقة محصصة، طبقا المادة 09 من مرسوم 20 مارس 2013.

يختار صاحب المشروع بين هاتين الكيفيتين لإنجاز الأعمال حسب المزايا المالية أو التقنية التي توفرها أو عندما يكون من شأن التحصيص أن يشجع مشاركة المقاولات الصغرى والمتوسطة.

في حالة إسناد عدة حصص إلى نفس المتنافس، يجوز إبرام صفقة واحدة مع هذا المتنافس تضم جميع هذه الحصص.

كما يمكن لصاحب المشروع، عند الاقتضاء، حصر عدد الحصص التي يمكن منحها إلى نفس المتنافس لأسباب تتصل بما يلي:

­   ضمان التموين؛  أجل التنفيذ؛  قدرة أصحاب العمل على إنجاز الصفقة؛ مكان التنفيذ أو التسليم.

لكل هذه الأسباب المذكورة  يتعين على أصحاب المشاريع في ظل استمرار الحجر الصحي لتفادي تفشي جائحة وباء كورونا 2019-20، اللجوء إلى إمكانية تحصيص الصفقات الفريدة لضمان اشتغال العديد من المقاولات بآجال تنفيذ تعتبر مقلصة مقارنة  بمدة تنفيذ صفقة فريدة بمشاركة مقاولة واحدة ، لذلك فالصفقات المحصصة هي الأداة الأنجع لربح الوقت وضمان مشاركة أكبر عدد من المقاولات درءا لخطر إفلاسها.

  1. الصفقات التفاوضية  

تعتبر المسطرة التفاوضية  آلية  تختار بموجبها، لجنة تفاوض، نائلا لصفقة بعد استشارة متنافس أو أكثر والتفاوض معهم بشأن شروط الصفقة، وتتعلق هذه المفاوضات على الخصوص بالثمن وأجل التنفيذ أو تاريخ الانتهاء أو التسليم وشروط التنفيذ وتسليم العمل. لا يجوز أن تتعلق هذه المفاوضات بموضوع الصفقة ومحتواها. وتعين لجنة التفاوض من طرف السلطة المختصة أو الآمر بالصرف المساعد. وتتكون هذه اللجنة من رئيس وممثلين عن صاحب المشروع. ويمكن لصاحب المشروع أيضا استدعاء أي شخص آخر خبيرا أو تقنيا، تعتبر مساهمته مفيدة لأشغال اللجنة.

وللإشارة فالصفقة التفاوضية تبرم بإشهار مسبق وبعد إجراء منافسة أو بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة.

كما يتعين على كل مرشح لنيل صفقة تفاوضية أن يقدم في بداية المسطرة، ملفا إداريا وملفا تقنيا وملفا إضافيا عند الاقتضاء، يضم مجموع المستندات المنصوص عليها قانونا، طبقا المادة 25 من مرسوم 20 مارس 2013، حيث يستوجب إبرام صفقة تفاوضية،  إعداد شهادة إدارية من  طرف السلطة المختصة، أو من طرف الآمر بالصرف المساعد تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على الشكل التفاوضي، وتوضح بوجه خاص الأسباب التي أدت إلى تطبيقه في هذه الحالة.

وعقب انتهاء المحاضر من تقديم عناصر هذه الورشة العلمية، تم فتح نقاش لعموم الباحثين والاساتذة المتابعين للورشة عن بعد، بتنشيط متميز من الاستاذ عبد الحق الذهي، مسير هذه الجلسة العلمية. وقد اشادت جميع المداخلات التفاعلية عن القيمة العلمية العالية للمحاور الرئيسية التي عالجها الاستاذ، بكفاءة واقتضاب، وتملكه الجيد للمادة.

وقد أثارت هذه المداخلات مجموعة من التساؤلات والإشكاليات التي ترتبط بموضوع الطلبيات العمومية في ظل جائحة كورونا، فضلا عن بعض التعقيبات المتعلقة بمجموعة من المفاهيم؛ كالتمييز بين الطلبية العمومية والصفقة العمومية والفرق بين اعتبار جائحة كورونا قوة قاهرة أو ظرفا طارئا…هذا كله زاد في إغناء النقاش وإثرائه بين مختلف الحاضرين.

*باحث مساعد بالمركز الوطني للدراسات القانونية