حدود تدخّل البرلمان المغربي في مجال السياسات العمومية

اعداد : يوسف وقسو – باحث في القانون العام والعلوم السياسية-الرشيدية

يشكّل إعداد السياسات العمومية عملية بالغة الحساسية والتعقيد وتشتمل على العديد من المتغيرات والمؤثرات وعوامل الضغط، التي يؤدّي تداخلها وتفاعلها المستمران إلى إنتاج سلسلة من ردود الفعل التي تنصرف بدورها إلى كل جوانب العمل داخل النظام السياسي.

حيث أن شكل وبنية الأنظمة السياسية هو الذي يحدد كيفية رسم السياسة العامة، وبالتالي يحدد دور الأفراد والجماعات غير الرسمية في تحديد المشكلة وفي استخلاص الحلول البديلة والإختيار من بينها، كما يعين القنوات التي يمكن عن طريقها للأفراد والجماعات إحداث تأثير في إجراءات عمل جهاز الحكم وفي أصحاب سلطة اتخاذ القرار السياسي الرسمي، بما يترتب عليها تبني حلولا يقترحونها كسياسة عامة. كما أن شكل نظام الحكم هو الذي يحدد أيضا خطوات العمل الرسمي (دراسات؛ تخطيط؛ صنع؛ إقرار؛ تمويل؛ …) لسياسة عامة معينة، كما يحدد الأجهزة التي تساهم في هذه العمليات ودور كل منها، وكيفية التنسيق بينها للوصول إلى اعتماد سياسة عامة تحقق رضاء عاما[1].

وإذا كانت الإنتخابات مصدر وأساس الحكم في الأنظمة ذات النمط الديمقراطي، فإن ذلك لا يعني أن الإنتخابات هي مرادف مباشر للديمقراطية. فالعلاقة بينهما ليست علاقة آلية، بقدر ما هي علاقة نسقية، تتوقف على طبيعة السلطة ومفهومها داخل هذا النظام السياسي أو ذاك. بمعنى آخر فإن العلاقة بين الإنتخابات والديمقراطية لا تتوقف على مدى نزاهة الإنتخابات بل تتجاوزه إلى مستوى أعمق يتعلق بالجدوى منها، بحيث يجب أن تنعكس نتائجها على سير المؤسسات الدستورية ذات الطابع التمثيلي بإعطائها صلاحيات حقيقية وفعلية في مجال ممارسة السلطة السياسية. غير أن هذا المبتغى لا يمكن تحقيقه في المغرب بالنتيجة لطبيعة السلطة السياسية ومفهومها داخل النسق السياسي المغربي[2].

مما يؤشر على أن البرلمان المغربي باعتباره من أهم المؤسسات التمثيلية، يشتغل في بيئة تتشكل من منظومة مؤسسية علائقية لعل أهم أقطابها المؤسسة الملكية والحكومة والقضاء الدستوري. ولا شك أن الخوض في طبيعة هذه العلاقة هو محاولة استكشاف حجم التأثير الذي يمارس على أداء البرلمان، وذلك من خلال البحث في المقتضيات الدستورية والقانونية وواقع الممارسة السياسية التي تؤطر هذه العلاقة.

المبحث الأول: تأثير المؤسسة الملكية على الأداء التشريعي للبرلمان

احتلت المؤسسة الملكية في النظام السياسي والدستوري المغربي مكانة متميزة من خلال إشرافها المباشر على الحكم وامتلاكها لآلياته، استنادا إلى المشروعية بأبعادها التاريخية والدينية والدستورية. وإذا كان الباحثون المغاربة والأجانب على السواء يعتمدون أطروحات مختلفة في تفسير أسس المشروعية التي يقوم عليها نظام الحكم في المغرب، والذي تطبعه سمة الجمع بين التقليد والحداثة، فإنهم يتفقون في آخر المطاف انطلاقا من تحليلات مختلفة على حقيقة واحدة، هي سمو المؤسسة الملكية واحتلالها موقعا استراتيجيا ضمن الخريطة الهرمية للسلطة بالمغرب[3].

إن المكانة السامية التي يحتلها الملك في البناء الدستوري المغربي، منحته صلاحيات واسعة تمكنه من التأثير على الممارسة البرلمانية، وذلك عبر احتكاره للتمثيلية السامية للدولة على حساب التمثيل السياسي للبرلمان كمؤسسة منتخبة (المطلب الأول)، ناهيك عن امتلاك الملكية لعدة تقنيات دستورية وسياسية تقوم بدور توجيه السلوك التشريعي للبرلمان والتأثير على مضامينه (المطلب الثاني). 

المطلب الأول: سمو السيادة الملكية على الوظيفة التمثيلية للبرلمان

يستدعي فهم التمثيلية السياسية ومراتبها في الحياة السياسية المغربية، تجاوز القراءة النصية للوثيقة الدستورية وذلك بإعطائها التأويلات الممنوحة لها من خلال الممارسة السياسية. فالتمثيلية السامية للمؤسسة الملكية تتأسّس على مركزية دورها وعلاقتها بالأمة، مع إلغاء أي نوع من الوساطة التي يمكن أن تقوم بين الملك والأمة، حتى وإن تعلق الأمر بنواب تم انتخابهم من قبل هذه الأمة بواسطة الإقتراع العام المباشر[4]. فباستقراء الفصول الدستورية الناظمة للنظام التمثيلي ببلادنا[5]، نلاحظ أنها تقيم تمييزا واضحا بين فكرة التمثيل وفكرة الإنتخاب، مما يجعلنا أمام أنواع ومراتب من التمثيلية.

هكذا فإن الدستور المغربي الجديد يكرس الثقافة الإجماعية على حساب التعددية[6]، بتأكيده سمو الملكية وهيمنتها على الصرحين الدستوري والسياسي (الفقرة الأولى)، بالنظر إلى تعدد مشروعياتها (تاريخية؛ دينية؛ حديثة)، وبالتالي تكريس وضع تمثيلي دوني وثانوي للمؤسسة البرلمانية(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: احتكار المؤسسة الملكية للتمثيلية الأسمى للدولة

إن تحديد طبيعة النظام التمثيلي في المغرب يخضع لمحددات تختلف عما هو متعارف عليه في الأنظمة السياسية الغربية، بحكم اختلاف الدعائم والأسس التي يرتكز عليها، وبالرغم من التأثير الأوروبي فإنه كان هناك دائما امتداد للتقاليد الإسلامية، إذ من خلال هذه الأخيرة يمكن فهم المكانة التي يتمتع بها الملك في النظام الدستوري المغربي وعلاقته مع باقي السلطات الأخرى[7].

فقد شكلت قضية دسترة توزيع السلط الرهان الذي تحكم في تطوير المسار الدستوري المغربي وذلك بناء على طبيعة علاقة التجاذب بين أطراف الحقل السياسي المغربي، فالمؤسسة الملكية المسنودة بعديد المشروعيات ساعدتها لكي تخرج باصمة رؤيتها للحكم والسلطة منذ بداية الإستقلال، مقابل أحزاب الحركة الوطنية ومشروعيتها النضالية، وعدم بناء أرضية مشتركة لمواقفها جعلها في موقف لم تستطع من خلاله فرض تصورها لمسألة السلطة وطريقة توزيعها[8].

حيث أن منطوق الفصل 19 من الدساتير السابقة اعتبر بمثابة ترجمة صريحة لوضع واقعي يقوم على تقليد عريق عرفه تاريخ المغرب، الذي عمل على تكريس واستيعاب القانون العام الإسلامي، وهو استيعاب ذو دلالة كبرى بالنظر إلى أثره الكبير على تنظيم السلطة في الدولة، إذ بدونه لا يمكن فهم سمو السلطة الملكية على باقي السلط الأخرى ومن بينها السلطة التشريعية التي تجد نفسها في حالة تبعية للملك[9].

هكذا فإن الميزة التفوقية للمؤسسة الملكية تجد سندها في العديد من الآليات التقليدية التي يعتمدها النظام الحاكم والتي يمكن التمييز فيها بين آليتين: حقل إمارة المؤمنين وحقل التحكيم.

يشكّل حقل إمارة المؤمنين، نوعا من التعالي الرمزي والسياسي للمؤسسة الملكية عن المحكومين، باعتبارها تنهل من المخزون الديني الذي يشكل في الثقافة المجتمعية رمزا للمطلق والخضوع لطاعة الله ورضوانه وأي مسّ لهذا المعطى هو افتتاء على عقيدة الله وخروج عن طاعته. هكذا فالملك بوصفه هذا يحتل مكانة سامية في النظام السياسي المغربي تتجاوز النص الدستوري وتتعداه لتفرض على الفاعلين السياسيين اعتبار الملك فوق المساءلة والمحاسبة، ولا ينطبق عليه فصل السلط، ويتمتع باختصاصات واسعة تستمد مشروعيتها من الإرث السلطاني.

من جهة أخرى، تمثل وظيفة التحكيم كآلية تقليدية، خاصية أساسية لطبيعة الحكم في المغرب المعاصر، حيث وجدت فيها السلطة السياسية بالإضافة إلى الدور الذي لعبته في فض النزاعات والإنقسامات بين مختلف الفاعلين السياسيين، كآلية لتعالي المؤسسة الملكية على هؤلاء الفاعلين، وآلية لبسط نفوذ الملك/السلطان الشريف بين الجماعة الإسلامية[10].

إن نموذج “الحكم Arbitre ” الذي يجسده السلطان الشريف ليس نموذج الحكم “السلبي” بل “حكم” يتمتع بالسلطة الكافية لإخضاع الجميع لقراراته. فالسلطان الشريف يمارس إذن سلطة تحكيمية “إيجابية” تتضمن جميع الصلاحيات لإخضاع الفرقاء دون تحيز أو محاباة [11]. وعليه فإن حقل التحكيم كمجال خاص بالملك يؤهله ليكون راعيا للرعية والساهر على حفظ وأمن واستمرارية الدولة.

بالعودة إلى الدستور الجديد نجده يمنح الملك رئاسات متعددة ويضعه موضع “الموجه الأمين[12]، وهو تناقض من آثار النظرية التقليدية في الحكم التي لا تتحمل مراعاة  قاعدة فصل السلطات[13]. وبالتالي فإن وظيفة التحكيم تبقى في نظر بعض الباحثين مشروطة بعدم المس بالإختيارات والبرامج التي تباشر تطبيقها المؤسسات، أي أنه تحكيم يهم تدبير العلاقة بينها فقط، كما أنه لا يجوز للتحكيم أن يباشر بمعزل عن إرادة الناخبين[14].

عموما إن مسألة “الممثل الأسمى للدولة” الواردة في الفصل 42 من الدستور الحالي، تثير العديد من الإشكالات القانونية والفلسفية، فسيادة الدول كما يقول جان جاك روسو “لا يمكن أن تمثّل، لأنه لا يجوز التصرف بها، وهي في جوهرها تقوم بالإرادة العامة، والإرادة لا تمثل أبدا … فنواب الشعب لا يمكن أن يمثلوها، وهم ليسوا ممثليها، بل مندوبين عنها”، كما عرّف أندريه هوريو الدستور بأنه: “القناة التي تمر منها السلطة من مالكيها أي الدولة إلى خدامها أي الحاكمين”. من هنا يتضح أن المشرع الدستوري المغربي استعمل لفظ “الممثل الأسمى” وتجاوز باقي التعابير التي تتماشى والقراءة الديمقراطية لوظيفة الحاكم من قبيل النيابة عن الشعب أو خدمة الشعب[15].

الفقرة الثانية: دونية الوظيفة التمثيلية للبرلمان

إذا كانت الدساتير والقوانين الأساسية للدول تعتبر أن النائب في البرلمان ممثلا للأمة والبرلمان كمؤسسة من مؤسسات الدولة ومعبّرا عن سيادة الأمة، وممثلا للإرادة الوطنية، وهو ما تؤكده كثير من الأدبيات الفقهية في مجال العلوم الدستورية والسياسية التي تذهب بعيدا وتعتبر أن سلطة الشعب تكمن بالكامل في البرلمان باعتباره جهازا تمثيليا، فإن الحقيقة في واقع الأنظمة تجعل من هذه المفاهيم مجرد مفاهيم تعكس تصورات نمطية وقيما حالمة، إذ أن وظيفة البرلمان في تمثيل الأمة والتعبير عن الإرادة الشعبية وتمثيل السيادة الوطنية، ليست وظيفة حقيقية ولا وظيفة واحدة على نفس المقاس في كل الدول والأنظمة، بل هي على العكس من ذلك وظيفة نسبية تحدد مضمونها في كل بلد على حدة معطيات الحياة السياسية وطريقة ممارسة السلطة وأسلوب الحكم ودرجة الإستقرار وقوة الإقتصاد ومناعة المؤسسات القائمة، ومن ثم لا يمكن فصل حقيقة الوظيفة التمثيلية للبرلمان عن محيطها إذا أردنا الحكم عليها أو اختبار درجة فعاليتها[16].

من جهة أخرى هناك من يعتبر أن البرلمان هو الوجه الطبيعي للديمقراطية، ومن خلاله تمارس الشعوب دورها السياسي في اختيار ممثلين عنهم ليعبروا عن أفكارهم ورؤيتهم إزاء القضايا المطروحة، حيث يجسد البرلمان التمثيلية السياسية الوطنية. وقد تأصل مفهوم البرلمانية في الدول الغربية في ارتباط مع الدستورانية الحديثة، وفي اتساق مع تراكماتها المتدرجة، كما أن مكانة المؤسسة البرلمانية ضمن المؤسسات الدستورية تحددت وفق ما أملته ظروف المجتمعات وحاجياتها. خلافا للمغرب الذي لم يشهد تقاليد برلمانية بالمعنى والحجم والتراكم أو من خلال تقاليد وممارسات تواتر العمل بها، وإنما تشكل البرلمان في أحضان الملكية وطبقا لدستور وضعه الملك بنفسه ويعتبر تجديدا لبيعته[17].

إن طبيعة العلاقة بين الملك الممثل الأسمى للدولة والبرلمان كممثل من الدرجة الثانية، والمبنية على أساس تراتبي قوامها خضوع إرادة الممثل الأدنى لإرادة الممثل الأسمى، تفرض على الفاعل البرلماني تكييف اتجاهات وأنماط سلوكه وأدائه، ولا يمكنه فرض إرادة أو اختيار مناقض أو حتى مغاير لإرادة الممثل الأسمى، الذي له أن يرفضه بمقتضى عبارة التمثيلية العليا دون حاجة إلى إثارة باقي الفصول الدستورية التي تحدد العلاقة بين الملك والبرلمان[18].         

 المطلب الثاني: التوجيه الملكي للعمل البرلماني على مستوى إعداد السياسات العمومية

تكتنف التجربة الدستورية والسياسية المغربية العديد من الآليات والتقنيات التي توظفها الملكية لضبط مسار وحركية العمل البرلماني، وتوجيهه بما يتماشى وإرادة الملك. وقد أكدت التجارب البرلمانية التي عرفها المغرب خلال مختلف مراحل تاريخه الدستوري، أن الملك قد مارس مهمة توجيه السياسة التشريعية بكيفية مباشرة إلى جانب توجيهاته السياسية لأعضاء المجالس النيابية، ودعوته لضبط وتطوير العمل البرلماني باعتباره واجهة من واجهات الحكم الديمقراطي الذي يجب ترسيخه ودعمه، والعمل على تثبيت دعائمه وركائزه في سائر مؤسسات البلاد.

تتعدد التقنيات التي يتم توظيفها في هذا الصدد بين وسائل التأثير القبلية، وأخرى ذات طابع بعدي ويمكن حصرها فيما يلي: توجيه خطابات إلى الأمة والبرلمان؛ افتتاح الدورات التشريعية؛ طلب قراءة جديدة لمشروع أو مقترح قانون؛ التحكم في ضبط سلوك البرلمانيين عبر آلية حل البرلمان؛ بالإضافة إلى تقنية الإصدار. 

 الفقرة الأولى: الإعلان عن المبادرات التشريعية من خلال الخطب الملكية

للملك سلطة توجيهية في مجال العمل التشريعي من خلال حقه في توجيه خطاب للبرلمان والأمة، طبقا لأحكام الفصل الثاني والخمسون من الدستور[19]. وهذا الحق دأبت على إسناده المنظومات الدستورية الغربية إلى رؤساء الدول، ولكن النظام الدستوري المغربي قد أقر إلى جانب هذا الحق آلية لتحصينه قانونيا من أجل الحفاظ على مكانة الخطاب الملكي، وذلك من خلال جعل مضمونه غير قابل لأن يكون موضوع أي نقاش. ويبدوا أن هذا الفصل يروم الإحتفاظ للخطاب الملكي بقيمته المرجعية والرمزية ودوره التوجيهي بالنسبة للمؤسسة البرلمانية وسائر أعضائها.

إن الخطاب الملكي الموجه للأمة والبرلمان يشكل مرجعية أساسية للعمل البرلماني، حيث غالبا ما تتضمن هذه الخطابات إجراءات تشريعية أو تنفيذية، أو تدعوا أعضاء البرلمان إلى الموافقة على مشروع قانون معين حيث يصبح الملك صاحب مبادرة تشريعية حقيقية، كما قد تتضمن الخطابات الملكية مواضيع تندرج ضمن مجال القانون إلا أن إثارتها بموجب خطاب ملكي، يعد بمثابة حث لأعضاء البرلمان على الإنكباب في دراسة القضايا التي وردت في الخطاب الملكي، نظرا للقوة القانونية الملزمة التي يتمتع بها. هكذا يستنتج إن الخطابات الملكية الموجهة إلى البرلمان والأمة من شأنها التأثير في إعداد سياسات عامة قطاعية، وهو وجه من أوجه تأثير المؤسسة الملكية في العمل التشريعي بالمغرب.

ناهيك عن نوعية أخرى من الخطابات غير المباشرة توجه إلى الأمة عبر ممثليها في البرلمان بمناسبة افتتاح الدورات التشريعية. وطبقا لأحكام الفصل الخامس والستون من الدستور فإن البرلمان يعقد جلساته أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى[20]، يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر من كل سنة، حيث يلقي خطابا في البرلمان يحضره جميع الأعضاء باللباس القومي[21]، في ظل طقوس بروتوكولية خاصة واستثنائية، يكون مفتتحها الاستقبال الرسمي والاحتفالي وتلاوة آيات قرآنية[22]، ويكون مختتمها الاستشهاد الملكي ببعض الآيات القرآنية المعبرة.

إن طقوس افتتاح البرلمان عادة ما تتضمن الإشارة إلى العديد من التدابير التشريعية، بحيث يصير الملك من خلالها صاحب مبادرة تشريعية، حيث أن افتتاح الملك الدستوري للدورة الأولى للبرلمان ليس شكليا، بل يتداخل فيه حضور أمير المؤمنين بالمظهر الإحتفالي التقليدي، وآية الإفتتاح القرآنية، والخطاب-البرنامج المعلق عليها[23].

كما أن قراءة مختلف مضامين خطابات افتتاح الدورات التشريعية، يلاحظ أنها تهدف تقديم النصح والإرشاد للنواب البرلمانيين وذلك من خلال تحديد العلاقة التي يجب أن تسود بين البرلمان والجهاز الحكومي، في إطار جو يكتنفه التفاهم والتعاون الشامل والمثمر في السلوك، والخلق والإبداع والإبتكار وتبني المواقف البناءة ومنهج الاعتدال مقابل التخلي عن الشقاق والنفور والمواقف السلبية. واعتماد أسلوب التراضي بين مختلف مكونات البرلمان، عبر تبني الرؤية الموحدة والطموح المشترك والتحليل الواقعي الذي لا يخضع لديماغوجية ولا لجهل مركب. في نفس الوقت يستعمل الخطاب الملكي كوسيلة أساسية لتوجيه السلوك التصويتي للبرلمانيين.

في ضوء ما سبق، تشكل الخطابات الملكية الإفتتاحية للدورات التشريعية خزانا للأفكار الملكية حول كثير من جوانب نظام الحكم، ولا سيما منها العمل البرلماني ودور المؤسسة النيابية، والتزامات النواب ومهامهم النيابية، والوظيفة التشريعية، والإعلان عن برنامج العمل التشريعي للسنة النيابية وطرح التصور الملكي حول الأسبقيات الواجب إيلاؤها عناية خاصة[24]. كما يلاحظ أن هناك تحولا نوعيا في الموضوعات المثارة، فبعد التركيز سابقا على الموضوعات المتعلقة بنظريات الحكم، أصبح الإهتمام اليوم منصبا على موضوعات ذات طابع اقتصادي واجتماعي وإداري وسياسي، مثل سياسة التخطيط؛ الإصلاح الجبائي؛ سياسة الخوصصة؛ إصلاح الوضع الاقتصادي والسياسة المالية؛ وضعية القطاع الفلاحي؛ إصلاح الإدارة؛ إصلاح المنظومة التعليمية؛ وضعية حقوق الإنسان؛ النظام الإنتخابي؛ إصلاح القضاء؛ وضعية الجماعات الترابية؛ أداء المؤسسة البرلمانية.

الفقرة الثانية: التحكّم الملكي البعدي في ضبط سلوك وأداء المؤسسة التشريعية

بالإضافة إلى التقنيات السابقة المؤثرة في السياسة التشريعية، والتي تعمل على كبح المبادرة البرلمانية على مستوى التشريع وعبره التأثير على مسار إعداد السياسات العامة من قبل البرلمان، توجد إلى جانبها تقنيات أخرى بعدية تستطيع من خلالها المؤسسة الملكية ضبط الإنتاج التشريعي. يتعلق الأمر بإمكانية طلب قراءة جديدة لكل مقترح أو مشروع قانون معروض على البرلمان وكذا تقنية إصدار القانون بالإضافة إلى سلطة حل البرلمان.

فبالنسبة للنقطة الأولى فإن أحكام الفصل الخامس والتسعون تنص على إمكانية طلب الملك من كلا المجلسين أن يقرآ قراءة جديدة لكل مشروع أو مقترح قانون، حيث تطلب هذه القراءة بخطاب، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن ترفض هذه القراءة. وعلى الرغم من أن الملك لم يعد يملك صلاحية استفتاء الشعب حول مشروع أو مقترح قانون بعد أن يكون المقترح أو المشروع قد قرئ قراءة جديدة كما كان عليه الوضع في الفصل التاسع والستون من الدستور السابق، فالدستور الحالي أقر مسألة طلب الملك قراءة جديدة لمشروع أو مقترح قانون لم ينل الموافقة الملكية، وألزم البرلمان بعدم الإمتناع عن ذلك.

ويعرف حق طلب قراءة جديدة بأنه سلطة تمكن رئيس الدولة من إيقاف القانون الذي وافق عليه البرلمان، والهدف من إقرار هذا الحق في الدساتير هو الحيلولة دون تعسف واستبداد المشرع بما في يديه من اختصاصات في المجال التشريعي، ويجعل من السلطة التنفيذية رقيبا على السلطة التشريعية ومنعها من الخروج على حدود وظيفتها.  كما يشكل أيضا نوعا من الإعتراض الملكي – فيتو ملكي- وذلك بخصوص المقترحات والمشاريع التي لا تحظى بقبول أو موافقة الملك إما لعدم ملاءمتها للظروف الاقتصادية أو الاجتماعية للبلاد، أو لعدم دستوريتها أو عدم مسايرة التوجه السياسي الرسمي[25]. يتضح إذا أن أهمية هذه التقنية تكمن في كونها تراجع النصوص المصوت عليها من قبل البرلمان في محاولة إصلاح وتصحيح ما يمكن أن يقع من أخطاء، وكذا إزالة وتوضيح كل إبهام أو غموض[26].

أما فيما يتعلق بتقنية الإصدار فهي تكشف عن الحضور المستمر للملك في مختلف أطوار المسطرة التشريعية، وإبراز مظاهر المشاركة الملكية في هذه المسطرة. وللإشارة فإن دساتير 62-70-72 لم تكن تحدد آجالا للإصدار، إذ كان للملك سلطة تقديرية واسعة. إلا أن دساتير 92-96-2011 جاءت بالجديد حيث حددت للملك أجلا للإصدار ينحصر في مدة 30 يوما[27]. إلا أن ما لم يشر إليه الدستور المغربي الجديد هو عدم إلزامية التقيد بهذه المدة.

كما تمتد السلطة التوجيهية للمؤسسة الملكية على العمل البرلماني في مجال إعداد السياسات العمومية، إلى مستوى حل البرلمان (إنهاء نيابة المجلس التشريعي قبل نهايتها الطبيعية)، وهو سلاح يملكه رئيس الدولة وحده وله السلطة التقديرية في أعماله، وقد تقرر حق الحل في الأنظمة البرلمانية لصالح السلطة التنفيذية مقابل إمكانية سحب الثقة من الحكومة ومسؤوليتها أمام البرلمان. ونظرا لأهمية تقنية الحل والنتائج التي تترتب عليها، فان الدساتير المغربية السابقة إلى غاية دستور 1996 منحت حق الحل للملك دون سواه. إلا أن دستور 2011 أعطى إمكانية حل مجلس النواب أيضا لرئيس الحكومة. هكذا فإن أحكام الفصل 51 من الدستور الجديد تنص على حق الملك في حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير، بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، وتوجيه خطاب إلى الأمة في الموضوع.

إن شرطي الإستشارة والإخبار الواردين في الفصل أعلاه، يفتقدان إلى عنصر الإلزامية ويبقيان ذات طابع إخباري فقط، لأنه لو كان الهدف يتمثل في إعطاء الصفة التقريرية لهذين الشرطين لتم التنصيص على عبارات واضحة ودالة تفيد التداول في “قرار الحل”[28]. وبقراءة متأنية للفصل السادس والتسعون يلاحظ أن مسألة حل البرلمان تم تكراره للمرة الثانية، مما يطرح التساؤل حول المغزى من هذا التكرار، إن لم يكن تحذير البرلمان من مغبة رفض الطلب الملكي بخصوص تعديل مضمون مشاريع ومقترحات القوانين التي لم تنل رضا المؤسسة الملكية[29].

كما أن قرار الحل قد تم إرفاقه بمجموعة من الإجراءات لتفادي أي انزلاق سياسي قد يحدثه توظيف حق الحل، من قبيل “توجيه خطاب إلى الأمة” والذي مفاده فقط إحاطة الشعب بقرار الحل مع تعليله بطبيعة الحال ودون دعوة المواطنين إلى التصويت أو الإستفتاء في الموضوع. بالإضافة إلى أن البرلمان الجديد المنتخب يجب أن يستمر في مزاولة مهامه لمدة سنة على الأقل تفاديا لتعليق الحياة النيابية وضمان استمرارها. كما يمنع انتخاب البرلمان الجديد في ظرف شهرين على الأكثر بعد تاريخ الحل، مما سيعطي للمؤسسة الملكية صلاحية ملء الفراغ طيلة هذه الفترة، في ظروف تقتضي عادة الإشراف على الشؤون العامة.

إن ما يلاحظ بخصوص سلطة الحل التي يخولها الدستور للملك، هو أن المشرع الدستوري مستمر في النظر إلى الملك باعتباره سلطة فوق السلط، ولا ينطبق عليه مبدأ فصل السلط، وإن كان في نفس الوقت يمنح الملك مجموعة من الصلاحيات التنفيذية التي وإن ربطناها بمبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” الوارد في الدستور، لأصبح من الواجب مقابلة الصلاحيات التنفيذية للملكية وعلى رأسها “حل البرلمان” بنتائج ينبغي أن تترتب على هذا الإختصاص[30].

المبحث الثاني: تجدّر أساليب الهندسة التقنو-إدارية للسياسات العمومية

إن الإختلاف بين الأنظمة السياسية يلقي بضوئه على مدى مساهمة الجهاز الإداري في صياغة السياسات العمومية، فإذا كان من الطبيعي أن يشارك هذا الجهاز في هذه الصياغة، فإن حجم ووزن مشاركته يختلف من نظام سياسي لآخر، فالدور الذي يلعبه عادة في الدول النامية أكبر نسبيا من دوره في الدول المتقدمة. فقد وقفت العديد من الدراسات على أن التأثير المتزايد لرجال الإدارة وللأجهزة الإدارية على المجال السياسي قد يؤدي إلى تحويل النظام الإداري إلى نظام للسلطة قائم بذاته، سلطة تستند أساسا على الكفاءة والخبرة في إدارة الشؤون العامة، حيث تمنح الإحترافية للبيروقراطية شرعية خاصة تعتمد على امتلاك المعرفة وتتنمى بتطور وتعقد المشاكل القطاعية وتشابكها[31].

إن مجال السياسات العمومية ليس بعيدا عن إشكاليات التوتر بين الإداري والسياسي، ولا عن إشكاليات ضمور النظام التمثيلي الديمقراطي، فرغم أن فاعلي السياسات العامة ليسوا جميعا موظفو إدارة، فإن الجهاز الإداري يظل الإطار الرئيسي للمساهمة في صياغة هذه السياسات. وهي الإشكالية التي سوف يتم الوقوف على أهم ملامحها في النظام السياسي المغربي، من خلال الحديث عن هيمنة السياسات الحكومية على الصرح التشريعي (المطلب الأول)، ثم بعد ذلك الإشارة إلى آليات تدخل القضاء الدستوري ودوره في كبح تطور الفكرة البرلمانية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: هيمنة التدخل الحكومي على العمل التشريعي

بعدما شكّل البرلمان في المجتمعات الديمقراطية مؤسسة محورية في مختلف مناحي الحياة، وكمركز لترسيخ وتحديث القيم الديمقراطية وتلبية طموحات ومصالح المواطنين، عبر تبني قوانين تساهم في تفعيل دولة الحق والقانون. فإن صدور دستور الجمهورية الخامسة في سنة 1958، أدّى إلى تقليص وظيفة البرلمان التشريعية، الشيء الذي سوف ينعكس على دساتير بعض الدول التي اتجهت إلى عقلنة البرلمان بواسطة آليات دستورية تحد من هيمنته لحساب المؤسسة الحكومية[32].

والمغرب بصفته متأثرا بدستور الجمهورية الخامسة، لم يخرج عن هذا الإطار العام للأنظمة السياسية الحديثة. فقد أقرت الوثيقة الدستورية المغربية جملة من المبادئ العامة التي أصبحت تشكل المرجعية المذهبية في تفسير المنظومة التشريعية، وذلك من خلال مجموعة من المستويات والآليات، من أهمها تحديد المجال التشريعي في إطار ما تسميه بعض الكتابات الفقهية “بالعقلنة البرلمانية” القائمة على إقصاء أطروحة البرلمان المشرع الأوحد، واعتماد نظرية البرلمان المشرع بتعاون وتشارك مع السلطة التنفيدية من أجل ضمان الإنسجام والإستقرار في أوضاع الحكم وأساليب تدبيره، أو هي على الأصح نظرية اقتسام للسلطة التشريعية بين البرلمان والحكومة[33].

وبالتالي فإن هيمنة الحكومة على إنتاج السياسات العمومية بالمغرب، يجد سنده في التكريس الدستوري للعقلنة البرلمانية (الفقرة الأولى)، وكذا عبر الإحتكار الحكومي المكثف لفضاءات الخبرة والتقنية (الفقرة الثانية).

الفقر الأولى: انعكاسات مبدأ العقلنة البرلمانية

حافظ الدستور الجديد بالمغرب على مبدأ العقلنة البرلمانية[34] من خلال حصر مجال تدخل البرلمان، وترك الصلاحيات الأخرى ضمن مجال تدخل السلطة التنظيمية[35]. بالإضافة إلى الأخذ بنظرية تفويض التشريع لفائدة الحكومة في حالتين: “قانون الإذن”[36] و”التشريع الحكومي المؤقت”[37].

وتمتد أسبقية الحكومة على البرلمان إلى حد التحكم في جدول أعمال البرلمان[38]، حيث تحتل مشاريع القوانين الأولوية على اقتراحات القوانين داخل جدول أعمال كل مجلس. وبهذا فالحكومة تعتبر ذات سيادة في المبادرة التشريعية[39]، مما يجعلها تدرج في جدول أعمال أي من المجلسين ما تشاء حسب أولوياتها مما يلغي أو يؤخر على الأقل اقتراحات القوانين المقدمة من قبل النواب والمستشارين. وقد عمل الدستور الجديد على تزكية هذا المعطى بإعطائه الحكومة حق الإعتراض على كل تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة التي يعنيها الأمر، كما يمكن للحكومة إلزام البرلمان بالتصويت على نص بأكمله (التصويت المغلق le vote bloqué ) وذلك برفض كل التعديلات المقدمة من قبل النواب.

إن اختلال العلاقة لصالح الحكومة آل إلى نشوء مجموعة من الإكراهات والقيود المؤثرة على السلوك البرلماني، في اتجاه تكريس نوع من التبعية البرلمانية للحكومة، حيث أصبح البرلماني تابع ومنقاد للسياسة الحكومية المتفوقة بحكم القانون والممارسة، وهذه الطبيعة العلائقية المختلة تفرز مجموعة من السلوكيات من لدن البرلمانيين التي تتخذ في الغالب منحى سلبي بفعل قوتها التأثيرية من جهة وبفعل التفاعل السلبي للبرلمانيين من جهة ثانية، وتتولد عنها مشاعر الدونية لدى البرلمانيين والإحساس بعدم القدرة والضغط والتأثير.

عموما فإن القواعد الدستورية المحددة لممارسة السلطة التشريعية بالمغرب، تمنح الحكومة مجموعة من الحقوق الدستورية في مجال المسطرة التشريعية، في حين أن الحقوق التي يملكها البرلمان ليست من نفس الطبيعة والدرجة في جميع المجالات، مما يجعله تابعا للحكومة على مستوى القواعد المسطرية على غرار محدودية تدخله على مستوى الوظيفة التشريعية التي يمارسها. ويمكن حصر أهم المبادئ الإجرائية المانحة لأسبقية التدخل الحكومي على صناعة التشريع بالمغرب فيما يلي:

  • تمكين رئيس الحكومة وأعضاء البرلمان من حق المبادرة التشريعية لاقتراح القوانين على قدم المساواة؛
  • انفراد الحكومة بحق المبادرة فيما يتعلق بمشاريع قوانين المالية، سواء منها القوانين السنوية العادية، والقوانين المعدلة، وقوانين التصفية، ومشاريع قوانين المخططات. كما أن الحكومة تحتكر أيضا تقديم مشاريع القوانين الإطار؛
  • تحكم الحكومة في مختلف عمليات التعديل التي قد تطرأ على النص المعروض على أنظار البرلمان، من قبيل رفض التعديلات التي لم يسبق عرضها على اللجنة الدائمة المعنية، وكذا وفض كل تعديل لا يدخل في اختصاص السلطة التشريعية، أو سلوك الحكومة للأسلوب المختصر في التصويت من خلال طلب البت عن طريق التصويت الواحد مع الاقتصار على التعديلات المقترحة والمقبولة من طرفها.

كانت هذه بكيفية إجمالية أهم المبادئ التي تؤطر عملية تدخل البرلمان والحكومة في العملية التشريعية، والتي توضح بجلاء كبير تفوق وهيمنة المؤسسة الحكومية لاعتبارات العقلنة البرلمانية. مما يجعل الحديث عن إمكانية رسم البرلمان المغربي للسياسات العمومية باعتباره ممثلا للإرادة العامة، من القضايا التي لازالت في طورها الجنيني. بل أكثر من ذلك فإن هذه المسألة تم تأجيلها في الممارسة السياسية الحالية بالمغرب، بالنظر لعدم قدرة الفاعلين السياسيين على إنضاج شروط إنجاح هذا الورش.

الفقرة الثانية: احتكار الفاعل الحكومي لفضاءات الخبرة والتقنية

إن البحث في الميكانيزمات القرارية بالمغرب، يقتضي البحث في مؤسساته السياسية الرئيسية والنظر إلى مختلف الجماعات التي تؤثر في عملية صنع القرار. وفي هذا السياق، فإن السلطة الحكومية داخل النظام السياسي المغربي تقوم بدور محوري في مجال إعداد السياسات العمومية.

تشكّل الحكومة الطابق الثاني داخل الجهاز القراري المغربي، حيث تتوافر على عدة هيئات حكومية تعتبر ذات دور فعال ومحدد، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى ديوان رئيس الحكومة الذي يمكن اعتباره أكثر من مجرد بنية تحتية للقرار تكتفي بتهيئته وبلورته وتتبعه، ومن بين مهام الديوان؛ المتابعة اليومية للحياة السياسية، وخاصة لتفاعلات العمل الحكومي، ومساعدة رئيس الحكومة على إصدار تصريحاته إلى الصحافة الوطنية والدولية، وتنظيم أوقاته واستقبالاته واجتماعاته، وتهيئة خطبه ودراسة الملفات والقضايا المطروحة عليه. من هنا تظهر أهمية الديوان إذ يتوفر على سلطة فعلية في مسار اتخاذ القرارات وفي صناعة السياسات العمومية، إذ بوسعه تعطيل الملف، أو تأخير القرار، أو التأثير أو التسويف في مسألة ما أو قضية معينة[40].

وإلى جانب ديوان رئيس الحكومة، يجدر الإنتباه إلى الأمانة العامة للحكومة التي تم إحداثها منذ عهد الحماية[41]، وقد ظل العمل بها إلى حين صدور الظهير الشريف المؤرخ في 10 دجنبر 1955 إذ جاء في فصله الأول؛ “تشتمل حكومة جلالتنا على كتابة عامة” وفي الفصل الثاني؛ “يرأس الكتابة العامة ويسير شؤونها كاتب عام للحكومة يعين بظهير شريف”. ويتمتع الأمين عام للحكومة برتبة وزير وله نفس الصلاحيات التي يتمتع بها هذا الأخير[42]، للتأكيد على واقع كان قائما من قبل ولمنح الشخص صلاحيات أكبر للتدخل في مجال المبادرات التشريعية التي تكون مختلف القطاعات الوزارية مصدرا لها. وانطلاقا من طبيعة المهام التي يقوم بها هذا الجهاز فهي توجد في ملتقى جميع مؤسسات الدولة باعتبار أن مهمتها الأساسية تكمن في حسن سير العمل الحكومي. في هذا الإطار تضطلع الأمانة العامة للحكومة بمهام تنسيق عملية تحضير مشاريع النصوص القانونية التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمختلف القطاعات الوزارية والقيام بمهام تتبع مسار كل مشروع نص قانوني والتحقق من مطابقته لأحكام الدستور. وبوصفها المستشار القانوني للحكومة، فإنها تبدي رأيها بخصوص القضايا ذات الطابع القانوني المعروضة عليها من قبل الإدارات والمؤسسات العمومية، كما تسهر على تنفيذ السياسة الحكومية فيما يتعلق بتدوين النصوص التشريعية والتنظيمية ومراجعتها على نحو يجعلها تساير التطور وتستجيب لمتطلبات الواقع[43].

كما أن مختلف القطاعات الوزارية تحوز العديد من المديريات والأقسام التقنية المتخصصة، التي توفر خدمات ومعلومات تساعد في عملية اتخاذ قرار معين، ولعل خير مثال في هذا الصدد ما تقوم به المصالح التابعة لوزارة الإقتصاد والمالية في تدبير الصلاحيات المالية للدولة. ذلك أن مديرية الميزانية على سبيل المثال تتولّى القيام بتقديم الإقتراحات والقيام بالدراسات التي من شأنها تنوير الوزير في اختياراته في مجال السياسة المالية المرتبطة بالميزانية؛ تهيئ مشاريع القوانين والمراسيم المتعلقة بالميزانية والسهر على تنفيذ النصوص التشريعية والتنظيمية في هذا المجال؛ المشاركة في وضع مخططات التنمية الإقتصادية والإجتماعية؛ القيام بالدراسات القانونية والمالية والإقتصادية وتنميط النفقات العمومية وكذا إجراء تقييم لمشاريع الإستثمار التي تقوم بها المؤسسات العمومية باتصال مع الوزارات المعنية …إلخ[44].

من خلال ما سلف، يتضح مدى احتكار السلطة الحكومية بالمغرب للعديد من الفضاءات والآليات المؤسسية التقنية، التي تؤهلها للتحكم في صناعة القرار العمومي، والتأثير على دور البرلمان في هذا المجال. مع العلم أن تدخلات القضاء الدستوري تشكل عائقا ينضاف إلى سلسلة الحدود التي تضعف التدخل البرلماني في مجال إعداد السياسات العامة.

المطلب الثاني: تدخلات القضاء الدستوري وكبح النزوع البرلماني

تشكّل تدخلات القضاء الدستوري عامل أساسي، ومحدد مؤسساتي وسياسي، يؤثر بدوره على دور البرلمان في إعداد السياسات العامة واعتمادها. فالدستور يعطي للقضاء الدستوري صلاحية مراقبة أعمال البرلمان بهدف تقدير شرعيتها الشكلية والموضوعية، إلا أن الإشكال الذي يثار يتعلق بالكيفية المتبعة بخصوص تقدير هذه الشرعية والمعايير المعتمدة لأجل احترام قاعدة السمو الدستوري (الفقرة الأولى)، وأثر ذلك على الإمكانيات السياسية والدستورية للبرلمان كمؤسسة دستورية في مجال إعداد السياسات العمومية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: إشكالية معايير تقدير الشرعية الدستورية

تعد المحكمة الدستورية أهم محاكم الجهاز القضائي، نظرا لأهمية الإختصاصات المنوطة بها، وفي مقدمتها الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة واللوائح، ما يجعلها “الحارس الأمين” على مبدأ “سمو الدستور”[45]، كما يحول القضاء الدستوري دون سطوة مؤسسة دستورية ما على اختصاصات باقي المؤسسات والهيئات بما يضمن احترام الدستور. إلا أن معايير تقدير الشرعية الدستورية من قبل القاضي الدستوري في النظام السياسي المغربي تحيلنا على حدود تدخلاته. وتجدر الإشارة إلى أن تدخلات القاضي الدستوري تكون سياسية بامتياز نظرا لما تحدثه قراراته من تأثير على موازين القوى المؤسساتية بين مختلف السلطات السياسية.

إجرائيا يمكن الإنطلاق من كون تحديد معنى مطابقة العمل أو التصرف للدستور لا يطرح مشاكل، خصوصا إذا ما كانت مصادر الشرعية الدستورية واضحة ومحددة، ولا تطرح مشاكل في تفسير منطوقها. لكن عندما تكون غير محددة فإن سؤال الشرعية في هذه الحالة يكون في المحك، ويزداد الأمر تعقيدا وصعوبة لما تكون قواعد اللعبة السياسية بين الفاعلين أكثر غموضا بسبب إدخال المقتضيات الدستورية في سياق حرب التأويلات والتأويلات المضادة. من جهة أخرى فإن التفسير الظاهري للنص الدستوري صعب التحقق عمليا، نظرا لارتباط نتائج الأحكام التي يصل إليها المتعلقة بحركية ودينامية المجتمع، وبالتالي فإن التفسير لا يحتمل بالضرورة تفسيرا واحدا، بل اتجاهات عدة يمكن تكييفها حسب متطلبات معياري الزمان والمكان[46].

بالعودة إلى القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية[47]، نجد أن الفصل 26 منه ينص على أنه “تبت المحكمة الدستورية في مطابقة القوانين التنظيمية والقوانين والأنظمة الداخلية للمجالس … للدستور …”، الأمر الذي يثير التساؤل حول دور القاضي الدستوري، هل هو حارس للشرعية الدستورية؟ أم ضامن لها؟

فالحراسة تعني حفظ الشيء وحمايته من التعدي عليه، أي أن الحارس يكون ملزما ببذل الجهد والسعي في القيام بواجب ما هو مطلوب منه، فمسؤوليته تتحدد غالبا بناء على طريقة تدخله أو تعامله مع الشيء، حيث أن المسؤولية هنا تكون ذات طابع تقني. أما مصطلح الضمانة فيفيد ضمان الغاية أو النتيجة والمحافظة عليها، فالضامن يكون بمثابة الكافل للشيء في روحه وجوهره، مما يجعل مسؤوليته ليست فقط مسؤولية تقنية مادية، بل مسؤولية روحية وأخلاقية[48]. كما أن نمط بت القضاء الدستوري في النصوص المعروضة عليه سيوضح لنا بجلاء مدى تأثيره على أداء المؤسسة البرلمانية، وهذا ما سيكون موضوع الفقرة الموالية

الفقرة الثانية: تداعيات تدخلات القضاء الدستوري على دور البرلمان في ميدان السياسات العمومية

تزامن الإنتقال الديمقراطي الكبير الذي شهدته الدول الغربية، مع التحول من الدساتير الوجيزة والغامضة إلى الدساتير التي تعنى بالوضوح والتدقيق، ثم بعد ذلك للجيل الجديد من الدساتير المفصلة. وهو انتقال شهد بالموازاة مع ذلك نقل سلطة التأويل من الحاكم إلى القاضي، حيث لم يعد الأمر مجرد لعبة للمزاج والأهواء وفي أحسن الحالات قضية تقدير سياسي خالص، بل مسألة مناهج وقواعد.

في المغرب، يمكن القول أن متغيرات كبرى باتت تحيط بإشكالية التأويل، سواء من جهة تقدم دستور 2011 على مستوى التفصيل والتدقيق في كثير من المقتضيات، أو من جهة كون هذه الوثيقة الجديدة تحمل إقرارا واضحا بمسألة سمو الدستور وخضوع باقي المؤسسات لأحكامه، زيادة على الإرتقاء بالوضعية المؤسسية للقضاء الدستوري من مجلس دستوري إلى محكمة دستورية[49].

فإذا كان القاضي الدستوري بالمغرب قد بنى عقيدته الإجتهادية على نوع من المغالاة في تقييد وعقلنة البرلمان فيما سبق، فإن التساؤل الذي يثار اليوم مع التوازنات المؤسسية الجديدة، هو مدى سلوك القضاء الدستوري للتأويل الديمقراطي للدستور، والذي يعني الإنطلاق من النص وليس من الوقائع السياسية، ثم استحضار جوهر إصلاحات 2011 المتمثلة أساسا في تقوية النفس البرلماني. كما أن محاولة الوقوف على نتائج ذلك، ستتضح أكثر من خلال قراءة الاجتهاد الذي بلوره المجلس الدستوري في قراره بخصوص النظام الداخلي لمجلس النواب.

هكذا فإن القانون الداخلي لمجلس النواب في نسخته الأولية، كان موضوعا لأربع قرارات متتالية للمجلس الدستوري[50]، تضمن كل منها العديد من الملاحظات، لعل أهمها تلك المتعلقة بالمادة 182 المتعلقة “بوجوب تقديم المؤسسات المذكورة أمام مجلس النواب مرة واحدة على الأقل في السنة، تقريرا عن أعمالها، وأن هذه التقارير تودع لدى مكتب المجلس الذي يحيلها على اللجان الدائمة المختصة، التي تتولى مناقشتها بحضور رؤساء المؤسسات والهيئات المعنية، وإعداد تقارير تحال على الجلسة العامة لمناقشتها”. وفي الإجابة المقدمة من قبل المجلس الدستوري بمناسبة بثه في النظام الداخلي لمجلس النواب، اعتبر بأن ما تضمنته المادة 182 السالفة الذكر، مخالف للدستور[51].

حيثيات تفسير ذلك، تشير إلى أن “مناقشة التقارير المقدمة من قبل مؤسسات وهيئات الحكامة، داخل مجلسي البرلمان، تكون بين أعضاء كل منهما فيما بينهم وبمشاركة الحكومة، وليس مباشرة مع المسؤولين عن هذه المؤسسات والهيئات”[52]. وهذا ما أشارت إليه مقتضيات المادة 233 من القانون الداخلي لمجلس النواب الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2013، على أنه “تودع التقارير لدى مكتبي مجلسي البرلمان، ويحدد رئيسا المجلسين بعد مداولة مكتب كل مجلس على حدة طريقة مناقشة التقارير بين أعضاء كل مجلس، وتتم المناقشة بمشاركة الحكومة”.

مما يثير التساؤل حول الدوافع الكامنة وراء منع المجلس الدستوري لإمكانية مثول المسؤولين عن هيئات الحكامة أمام البرلمان للإسهام في مناقشة التقارير الصادرة عن هذه الهيئات، وهل يمكن اعتبار هذا المنع بمثابة تحصين ضد المساءلة. أما على مستوى الإستقلالية، فإن المجلس الدستوري قدم تأويلا جيدا للإستقلالية، في ارتباطها بالسلطة التنفيدية. لكنه في نفس الوقت اعتبر أن مناقشة اللجان الدائمة لتقارير هذه الهيئات، أمرا مخالفا للدستور، وهو ما يعني أن المجلس توسع في تأويل الإستقلالية، من استقلالية اتجاه السلطة التنفيذية، إلى ما يكاد يكون استقلالية عن البرلمان[53].

كما طوّر المجلس الدستوري اجتهادا خاصا حول النظام الخاص بالمعارضة، بمناسبة نظره في النظام الداخلي لمجلس النواب، والذي يتمثل مضمونه في التأكيد على أن “منح المعارضة البرلمانية حقا خاصا بها دون أن يمنح أيضا للأغلبية، أمر مخالف للدستور وفيه مس صريح وواضح بمبدأ النسبية وبقاعدة المساواة في التمثيل الديمقراطي بين جميع نواب الأمة. فلا يمكن التمييز بين النواب في ممارسة حقوقهم الدستورية ومهامهم البرلمانية بسبب انتمائهم لفرق نيابية دون أخرى”. وهو ما يعني عدم استيعاب القضاء الدستوري لطبيعة الوضع الخاص للمعارضة، الذي يعطيها وضعا متقدما عما يتيحه لها النظام العام (التمثيل النسبي)، وهذا ما يجعل المجلس الدستوري وهو يقر بعدم دستورية العديد من حقوق المعارضة التي تضمنها النظام الداخلي لمجلس النواب، يقدم حججا سابقة عن دستور[54] 2011، ومنافية لفكرة النظام الخاص الذي باتت تحتله المعارضة البرلمانية، كما وردت في الدستور، وفي الخطب الملكية[55].

خاتمة:

من خلال ما سبق يتضح بأن البرلمان المغربي وعلى الرغم من موقعه المتقدم ضمن الهندسة الدستورية الجديدة، سواء من خلال توصيف النظام الدستوري المغربي “بالملكية البرلمانية” أو من خلال توسيع دائرة مجال القانون لتشمل مجالات جديدة وتأهيل مهام البرلمان الرقابية والتقييمية للعمل الحكومي. فإن مؤشرات اعتناق المغرب لممارسة برلمانية فعلية على شاكلة الملكيات البرلمانية الغربية لم تحن بعد، بسبب عدم نضج شروطها الأساسية وعدم قدرة فرقاء الفعل السياسي الوطني على بلورة تصور عصري ومتقدم لمضامين الوثيقة الدستورية.

[1]– ثامر كامل محمد الخزرجي، “النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة “، دراسة معاصرة في استراتيجية إدارة السلطة، الطبعة الأولى، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2004، ص 160.

[2]– جمال بن يشو، “التمثيلية السياسية في النظام السياسي المغربي”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، تخصص الدراسات الدستورية والسياسية، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، س.ج 2014-2015، ص 12.

[3]– عبد الإلاه فونتير، “العمل التشريعي بالمغرب- تطبيقات العمل التشريعي وقواعد المسطرة التشريعية”، الجزء الثالث، سلسلة دراسات وأبحاث جامعية، العدد الرابع، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ص 7.

[4]– جمال بن يشو، “التمثيلية السياسية في النظام السياسي المغربي”، م.س، ص 90.

[5]– أنظر الفصلين 2 و42 من دستور 2011.

[6]– محمد فؤاد العشوري، “مفهوم الملكية البرلمانية في النظام السياسي المغربي من خلال دستور 2011″، منشورا مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة، العدد الخامس، ماي 2012، ص 95.

[7]– عثمان الزياني، “السلوك البرلماني وأداء البرلمان المغربي- الولاية التشريعية السادسة (1997-2002)”، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة محمد الأول، وجدة، س.ج 2007/2008، ص 24.

[8]– البشير المتاقي، “إشكالية توزيع السلطة في النظام الدستوري والسياسي المغربي: دراسة في مستجدات دستور 2011″، أعمال الندوة الوطنية المنظمة يوم 29 نوفمبر 2012 من طرف مجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العمومية (GRAPP)، منشورات كلية الحقوق بمراكش، عدد 40، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، 2013، ص 154.

[9] – يوسف وقسو، “البرلمان والسياسات العمومية بالمغرب”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق، مكناس، س.ج 2014/2015، ص 56.

[10]– عبد الإله السطي، “الملكية والإسلاميون في المغرب”، منشورات دفاتر وجهة نظر، عدد 25، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء، 2012، ص49.

[11]– محمد ضريف، “المغرب في مفترق الطرق/قراءة في المشهد السياسي”، منشورات المجلة المغربية لعلم الإجتماع السياسي، الطبعة الأولى، توزيع المجلة المغربية لعلم الإجتماع السياسي، الدارالبيضاء، 1996، ص 90.

[12]– أنظر الخطاب الملكي بتاريخ 17 يونيو 2011 المتعلق بتقديم المحاور الأساسية للدستور المغربي الجديد.

[13]– محمد الساسي، “الملك يقدم الدستور : قراءة في العلاقة بين نص الخطاب الملكي ل 17 يونيو 2011: ونص الدستور الجديد”، دفاتر وجهة نظر، عدد 24، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، 2011، ص ص 36-37.

[14]– نفس المرجع، ص 37-38.

[15]– عبد الرحيم العلام، “طبيعة العلاقة بين البرلمان والمؤسسة الملكية في ضوء التعديل السادس للدستور المغربي”، المجلة المغربية للسياسات العمومية، العدد 13، خريف 2014، ص 77.

[16]– عبد الإله فونتير، “العمل التشريعي بالمغرب- تطبيقات العمل التشريعي وقواعد المسطرة التشريعية”، م.س، ص ص 79- 80.

[17]– عثمان الزياني، “السلوك البرلماني وأداء البرلمان المغربي- الولاية التشريعية السادسة (1997-2002)”، م.س، ص 26.

[18]– يوسف وقسو، “البرلمان والسياسات العمومية”، م.س، ص 58.

[19]– ينص الفصل 52 من دستور 2011 على ما يلي: “للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان، ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش داخلهما”.

[20]– المادة 1 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

[21]– المادة 4 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

[22]– المادة 3 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

[23]– عبد الرحيم العلام، “الملكية وما يحيط بها في الدستور المغربي المعدل”، م.س، ص 35.

[24]– عبد الإله فونتير، “العمل التشريعي بالمغرب- تطبيقات العمل التشريعي وقواعد المسطرة التشريعية”، م.س، ص 66.

[25]– عثمان الزياني، “السلوك البرلماني وأداء البرلمان المغربي- الولاية التشريعية السادسة (1997-2002)”، م.س، ص 35.

[26]– فيصل الوافظي، “الوظيفة التشريعية للبرلمان المغربي على ضوء دستور 2011″، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة محمد الخامس، سلا، س.ج 2012/2013، ص 36.

[27]– الفصل 50 من دستور 2011.

[28]– نص الدستور الإيطالي في مادته 88 على حق رئيس الجمهورية بعد الإستماع إلى رأي المجلسين، في حلهما معا أو أحدهما فقط، عكس المشرع الدستوري المغربي الذي نص فقط على استشارة أو إخبار رؤساء المؤسسات الدستورية كأشخاص وليس كمؤسسات، وبالتالي تغييب أية قيمة قانونية وسياسية لهذين الشرطين.

[29]– عبد الرحيم العلام، “الملكية وما يحيط بها في الدستور المغربي المعدل”، م.س، ص 37.

[30]– عبد الرحيم العلام، “طبيعة العلاقة بين البرلمان والمؤسسة الملكية في ضوء التعديل السادس للدستور المغربي”، م.س، ص 84.

[31]– حسن طارق، “السياسات العمومية: بين السياسة والإدارة، ملاحظات حول الحالة المغربية”، دفاتر السياسة والقانون، عدد 6، يناير 2012، ص 29.

[32]– الوافظي فيصل، “الوظيفة التشريعية للبرلمان المغربي على ضوء دستور 2011″، م.س، ص 81.

[33]– عبد الإله فونتير، “العمل التشريعي بالمغرب/المرجعية الدستورية ومضامين الوظيفة التشريعية”، سلسلة دراسات وأبحاث جامعية، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2002، ص 17.

[34]– تتحدّد مضامين الوظيفة التشريعية التي يمارسها البرلمان في ظل نظرية العقلنة البرلمانية التي اعتمدها محرروا دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة، انطلاقا من وضع لائحة حصرية للمجالات التي يمكن أن تكون موضوعا للتقنين عن طريق إصدار قواعد قانونية بشأنها، أو على الأقل عن طريق تحديد المبادئ والتوجيهات التي تشكل إطارا لها. وفي ضوء هذه اللائحة الحصرية من المسائل والمجالات يتحدد اختصاص السلطة التشريعية، وفي نطاقها يمكن للبرلمان أن يمارس وظيفته التشريعية، وكل ما لم يرد من المسائل على سبيل الحصر ضمن هذه اللائحة يبقى من اختصاص السلطة التنظيمية.

[35]– الفصل 72 من دستور 2011.

[36]– الفصل 70 من دستور 2011.

[37]– الفصل 81 من دستور 2011.

[38]– الفصل 82 من دستور 2011.

[39]– البشير المتاقي، “إشكالية توزيع السلطة في النظام الدستوري والسياسي المغربي: دراسة في مستجدات دستور 2011″، م.س، ص 173.

[40]– عبد الله ساعف، “كيف يصنع القرار في الأنظمة العربية”، الطبعة الأولى، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2010، ص 529.

[41]– يرجع تاريخ إحداث الأمانة العامة للحكومة بالمغرب إلى عهد الحماية، حيث تم تنصيب “كاتب عام” على ما كان يسمى آنذاك بالكتابة العامة للحماية (le Secrétariat Général du Protectorat)، يرأسها “كاتب عام للحماية” يتكلف بتجميع الشؤون العامة للإدارة المدنية للحماية. وقد أحدث الجهاز والمنصب المذكورين بناء على المرسوم الرئاسي الصادر في باريس بتاريخ 15 يناير 1913.

راجع بهذا الخصوص:B.O. Deuxième année N° 13 DU 24 Janvier 1913, p 1

[42]– تم تخويل الأمين العام للحكومة رتبة وزير بموجب المرسوم الملكي رقم 856.66 المنشور في ج.ر عدد 2817 بتاريخ 26 أكتوبر 1966.

[43]– محمد بوعزيز، “القانون البرلماني المغربي- مسطرة التشريع”، دراسة نظرية وتطبيقية، الطبعة الأولى، مطبعة فضالة، المحمدية، 2006، ص ص 50-51.

[44]– للتفصيل أكثر حول مجالات تدخل مديرية الميزانية يرجى الإطلاع على الرابط التالي: (http://www.finances.gov.ma/  ).

[45]– عبد الرحيم العلام، “الملكية وما يحيط بها في الدستور المغربي المعدل”، م.س، ص 59.

[46]– محمد الغالي، “التدخل البرلماني في مجال السياسات العامة في المغرب 1984-2002″، م.س، ص 69.

[47]– القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 شوال 1435 (13 غشت 2014)، ج.ر عدد 6288، بتاريخ 4 شتنبر 2014، ص ص 6661-6667.

[48]– محمد الغالي، “التدخل البرلماني في مجال السياسات العامة في المغرب 1984-2002″، م.س، ص 68.

[49]– حسن طارق، “القضاء الدستوري ورهانات المرحلة التأسيسية- تأملات سريعة في عينة من قرارات المجلس الدستوري”، المجلة المغربية للسياسات العمومية، عدد 12، صيف 2014، ص 8.

[50] –  يتعلق الأمر بالقرارات التالية:

  • قرار المجلس الدستوري رقم 829/12 الصادر بتاريخ 4 فبراير 2012؛
  • قرار المجلس الدستوري رقم 838/12 الصادر بتاريخ 16 فبراير 2012؛
  • قرار المجلس الدستوري رقم 924/13 الصادر بتاريخ 22 غشت 2013؛
  • قرار المجلس الدستوري رقم 929/13 الصادر بتاريخ 19 نونبر 2013.

[51]– قرار المجلس الدستوري رقم 829/12.

[52]– المرجع السابق.

[53]– حسن طارق، “الدستور والديمقراطية- قراءة في التوترات المهيكلة لوثيقة 2011″، منشورات سلسلة الحوار العمومي/4، الطبعة الأولى، مطبعة طوب-بريس، الرباط، 2013، ص 100.

[54]– حسن طارق، “القضاء الدستوري ورهانات المرحلة التأسيسية-تأملات سريعة في عينة من قرارات المجلس الدستوري”، م.س، ص 11.

[55]– يقول العاهل المغربي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة (11 أكتوبر 2013): ” [ …] ندعو لإخراج النظام الخاص بالمعارضة البرلمانية، لتمكينها من النهوض بمهامها، في مراقبة العمل الحكومي، والقيام بالنقد البناء، وتقديم الإقتراحات والبدائل الواقعية، بما يخدم المصالح العليا للوطن. [ …]”.

لقراءة المقال من موقعه الأصلي اضغط على الرابط التالي:

https://democraticac.de/?p=57541&fbclid=IwAR1vVZl1VK6bxggpFCMZdBqOsGFhVp_jsUxDpASOif4cRHvIOk9Tdk8YdAY#_ftnref35